آراء ومواقف

اليمن واستعادة الدولة

محمد بن سعيد آل جابر

حل ذكرى 26 سبتمبر (أيلول)، أحد أهم الأعياد الوطنية للجمهورية اليمنية، والشعب اليمني الشقيق يناضل لاستكمال استعادة كامل دولته ومؤسساتها بقيادة فخامة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، مدعوما بتحالف عربي تقوده المملكة العربية السعودية. حلت ذكرى 26 سبتمبر (أيلول)، أحد أهم الأعياد الوطنية للجمهورية اليمنية، والشعب اليمني الشقيق يناضل لاستكمال استعادة كامل دولته ومؤسساتها بقيادة فخامة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، مدعوما بتحالف عربي تقوده المملكة العربية السعودية.
إن اليمن يمثل لبلادي المملكة العربية السعودية جارا عزيزا كريما تسعى معه لما فيه مصلحة وخير البلدين، ولطالما قدمت له يد العون، فكانت أكبر داعم اقتصادي للجمهورية اليمنية الشقيقة منذ تأسيسها في جميع المجالات، سواء الاقتصادية أو الصحية أو التعليمية أو تأسيس البنى التحتية، كما منحت أبناء الشعب اليمني – وما زالت – فرصة العمل داخل المملكة وبنسبة أكبر من أي دولة أخرى، استشعارا منها بحق الجوار والعروبة والإسلام لشعب شقيق تربطنا به علاقات إنسانية وتاريخ عميق، وحدود جغرافية طويلة، وأمنه جزء من أمن المملكة والمنطقة.
لقد أشعلت سياسة الفوضى الخلاقة والرقص على رؤوس الثعابين التي اتبعها الرئيس اليمني السابق، خلال فترة حكمه اليمن، كثيرا من الأزمات والمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمذهبية، حتى طالب الشعب اليمني بالتغيير في 11 فبراير (شباط) 2011، فقدمت المملكة المبادرة الخليجية لوقف حرب أهلية بدأت بين الأشقاء في اليمن، أثمرت انتقالا سلميا للسلطة، ثم دعمت المملكة اليمن الشقيق في الفترة من 2012 إلى 2014 بأكثر من تسعة مليارات دولار، تمثلت في دعم للبنك المركزي وبالمشتقات النفطية وصندوق الرعاية الاجتماعية، ومشاريع تنموية مختلفة تستهدف جميع أطياف الشعب اليمني من دون تمييز طائفي أو مناطقي أو عنصري، كما كان للمملكة دور فعال في دعم الحوار اليمني الذي استجاب إلى كل مطالب اليمنيين، وشاركت فيه جميع المكونات السياسية اليمنية، بما فيها مكون الحوثيين والمكون الجنوبي، وخرج بمخرجات وطنية وافق عليها الجميع تحت رعاية من الأمم المتحدة، وخلال هذه اللحظة التاريخية التي كان اليمنيون يستعدون لإنهاء المرحلة الانتقالية واستكمال العملية السياسية، والبدء في بناء يمن جديد وبدعم من المملكة ودول مجلس التعاون وكثير من الدول الصديقة لليمن، دفعت إيران بالحوثيين ودعمتهم بالمال والسلاح لتدمير الدولة اليمنية والاستيلاء على مؤسساتها ومقدراتها، في نقض لما تم التوصل إليه في الحوار الوطني، ولما قدمته المكونات السياسية اليمنية من تنازلات آنذاك، وما رافقه من جهد لحكومات وسفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية، إلا أنهم أصروا وبتحالف مع الرئيس السابق وبدعم غير مسبوق من إيران، على استكمال القضاء على دولة النظام والقانون وإنهاء الشرعية في اليمن.
لقد استجاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – لطلب فخامة الرئيس اليمني المنتخب من الشعب اليمني، وقاد تحالفا عربيا ونشاطا سياسيا وإنسانيا واقتصاديا لإنقاذ اليمن وشعبه الشقيق لاستعادة دولتهم، وبناء مستقبل يستحقه اليمنيون وأجيالهم. لقد تمكن التحالف العربي بقيادة المملكة من تأمين كثير من المحافظات اليمنية وإعادتها إلى الحكومة اليمنية، وتقديم كثير من المساعدات عبر «مركز الملك سلمان للإغاثة والمساعدات الإنسانية». وفي الوقت نفسه بذلت المملكة جهودا كبيرة للتوصل إلى حل سياسي منذ استيلاء الميليشيات وحليفها عبر كثير من الخطوات، لعل من أهمها التوسط بين الأطراف اليمنية لإيقاف إطلاق النار في كثير من المحافظات اليمنية في 10 أبريل (نيسان) 2016، ودعم لجان التهدئة وتنسيق وقف إطلاق النار، ومساندتها فنيا وماليا، والموافقة على استضافة لجنة التهدئة الرئيسية في ظهران الجنوب، كما بذل سفراء الدول الثمانية عشرة جهودا لدعم المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ، لإنجاح مشاورات الكويت التي تجاوزت مدتها ثلاثة أشهر، إلا أن الحوثيين وحليفهم بصلف وتعنت وعدم اكتراث لنتائج أعمالهم الدموية، رفضوا الحل السياسي، رغم حجم التنازلات التي قدمتها الحكومة اليمنية، وعاد الحوثيون وحليفهم غير آبهين لمصلحة اليمن وأمنه واستقراره لإشعال الحرب داخل المحافظات اليمنية، والاعتداء على حدود المملكة، وإطلاق الصواريخ الباليستية على مدن وقرى المملكة.
قد تكون هذه الذكرى فرصة مواتية لإعادة مطالبة الميليشيات الحوثية المسلحة وحلفائها باستعادة روح الحكمة التي امتدحها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في أهل اليمن، ومراجعة مواقفهم وحقن الدماء وتسليم سلاح الميليشيات إلى الدولة والانسحاب تنفيذا لقرار مجلس الأمن رقم «2216»، والانخراط في الحل السياسي المبني على المرجعيات المتعلقة بهذا القرار والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، الذي سيضمن لهم مشاركة عادلة في جميع مستويات الدولة.
إن المجتمع الدولي مجمع على أنه من غير المقبول التمرد على الدولة وفرض الأمر الواقع بقوة السلاح، ولا يمكن أيضا النظر إلى الحل السياسي من بوابة إنهاء الحرب والقتال، وإبقاء ميليشيات مسلحة خارج سيطرة الدولة تحمل السلاح وتشكل تهديدا لأمن دول الجوار.
نقلا عن الشرق الاوسط
* سفير السعودية لدى اليمن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى