الإيمانُ محبّة
وأنت تحاولُ قياسَ منسوبِ إيمانِك، سلْ عن مدَى إحساسِك بالناسِ والوجود ؟ كي ترى كم أنتَ مؤمنٌ, ؟كَم أنتَ محب لسواك.؟. إيمانُك بالله لا مُعولَ عليهِ مالم يُثمِر إيماناً واعترافاً وشعورا فياضا بمن حولك . مالم يُورِق حُباً، متجاوزا الحواجز، والحدود، والتصنيفات.
الإيمانُ إحساسٌ غامرٌ بالكون والكائنات حالة من التناغم والتكامل والانسجام، لا يستقيمُ مع بلادَةِ الحسّ وغِلظَةِ الطبع..
الإيمانُ رقة ولطف وعطف ورهافة يجافي الكثافَةَ والقساوةِ.
لا إيمانَ لمن يعيشُ وحدَه, لا إيمانَ لمن لا يرى غيرَ نفسِهِ ، ولمن يعيش لذاته لا يُحبُّ سواه ولا .. قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم “لا يؤمنُ أحدُكم حتى يحبَّ لأخيهِ ما يحبُّه لنفسه”.. هكذا حباٌ بالسوية يُجافي الأثَرَةَ والأنانيةَ وحُبَّ الذاتِ.
الإيمانُ حبٌ ومشاعرُ فياضةٌ وتعبيرٌ عن الإنسانيةِ الخالصةِ. وفي ذاتِ السّيَاقِ ينفى المصطفى صلى الله عليه وسلم الإيمانَ عمَّن يبيتُ شبعاناً وجارُهُ جائع.. وذلك لكونِ الإيمانِ حالةُ شَبَعٍ روحيّ تصعد من الإحساسِ بالآخر، وتساعف اليَقَظَةَ الوِجدانِيةَ .. شُعُورٌ حادٌ يتجاوزُ الجُدران والأبوابَ المغلقة..يتحسَّسُ الروحَ التي في الجوار، يسع الحياة والأحياء والأرض والسماء.
الإيمانُ حالةُ جُوعٍ حقيقية للحُبّ, وتعبيرٌ صادقٌ وجياش وتفاعل وانفعال يجسد واحديَّةِ الروحِ . الإيمانُ حضور يتحققُ معه خلاصُ الفردِ من خِلالِ أخيه الإنسان ومحيطه وعالمه الأوسع، دينُنا تعاليمُ أخوَّةٍ، ودُرُوسُ محبةٍ، ورحمة وخيرٌ لكل الناس ، وإذ تشف تصفو الرؤية فتبصر بعين القلب، ونصغي بمسمع الروح، فلا ترى غير جمال الحق وجلاله وأنت مأخوذ بكلك في سجدة خاشعة، تردد في استغراق مع عمر بهاء الدين الأميري :
كلما أمعن الدجى وتحالك
شمت في غوره الرهيب جلالك
وتراءت لعين قلبي برايا
من جمال آنست فيها جمالك
وترامى لمسمع الروح همس
من شفاه النجوم يتلو الثنا لك
ماتمالكت أن يخر كياني
ساجدا واجدا ومن يتمالك