لم تكن ثورة سبتمبر حدثا عابر، بقدر ما كانت ثورة شعب تواق للحرية وانتفض على الفقر والجوع والمرض، وتجاوز حدود المخافة وخزعبلات احمد ياجناه ..
ثورة سبتمبر هي ثورة الشعب اليمني شماله وجنوبه، التي شكلت أهم محطات التاريخ اليمني ، ومثلت خطا نظريا اسس على معالمه مشروع سياسي متكامل، رفض الواقع المحتقن، وحدد الشكل المستقبلي للدولة في صورة النظام الجمهوري، يؤسس وسط انظمة لا تلبي طموحات الناس ومشروع الامة العربية.
يظلم الثورة ويظلم نفسه من يعتقد ان سبتمبر ثورة الشمال وصنعاء، ويحملها كل مالات الارث الامامي والكهنوتي، وثقافة القبيلة والمجتمع المغلق على عادات ما قبل التاريخ المعاصر، فالثورة هدت اكبر قلاع الكهنوت وثقافة السيد والمسود، والتمايز العرقي والسلالي، لتوحد الناس تحت طائلة القانون، وتؤسس الجمهورية على ملامح الديمقراطية والمساواة ومواكبة تطورات العصر.
سبتمبر التي مثلت شرف القضاء على الامامة والكهنوت، ورسخت الجمهورية، لا نحملها عجزنا على حماية هذا الشرف، و ليست مسؤولة عن ما اصابنا من ضرر المؤامرات والتدجين الذي اوصلنا لما وصلنا اليه اليوم، بعد ان تمكن اعداء سبتمبر من اختراقنا، وقبل البعض بوعي او بدونه العمل ضد سبتمبر.
هل يعلم من يشيطنون سبتمبر اليوم، انها شرارة انطلقت بلا نزاع فئوي ولا حكر مناطقي ، بل كانت ثورة قادها ضباط احرار والتحق بها شرفاء اليمن شماله وجنوبه، وهم لحمايتها الكل متجاوزين الحدود الجغرافيا والارث الثقافي البالي ، وقيود القبيلة والثارات والضغائن.
ومن قرأ تاريخ رسم ملامح سبتمبر سيعرف انها تشكلت في عدن، عندما لجأ لها الزبيري ونعمان وشكل مع محمد علي لقمان ورفاقه وشكلوا معا القوة الثقافية والسياسية للثورة الدستورية 48م وحركة 55م وحركة مارس 61م حتى تشكلت ملامح سبتمبر 62م الثورة التي أطاحت بحكم الإمامة، وأزالت كل الكيانات العرقية والارستقراطية آنذاك، وشكلت داعم رئيسي لثورة اكتوبر المجيد .
فكرة الثورة تأسست على رفض الانظمة المستبدة ، ومقاومة النظام الدكتاتوري الرافض للتنوع والتعدد الفكري والثقافي والسياسي والطائفي، رفض هدر طاقات الناس وانسانيتهم، وتدمير الاوطان وتفكيكها لتكن صالحة لبقاء النظام والمستفيدين منه فقط، الذين يستثمرون ازمات الوطن، و يتاجرون بالأرض والثروة والانسان، الهوية شعار ومعيار لتجارتهم.
تلك الانظمة التي تتناغم مع المستعمر وتصرفاته واعماله، فكانت سبتمبر الضربة القاسية التي وجهت لصدر المستعمر في عدن والجنوب، وتحالف مع الانظمة المستبدة لمحاربة سبتمبر والقضاء عليها ، في حصار السبعين الذي قدم المستعمر كل الدعم لجيوش ومرتزقة الإمامة في اسقاط صنعاء معتقدا انها معقل سبتمبر الوحيد وان سقطت ستسقط سبتمبر، ولم يتوقع ان اليمن شماله وجنوبه كان معقل سبتمبر، وهب ابناءه للدفاع عن سبتمبر، وكان شرف اسقاط الكهنوت وترسيخ الجمهورية ، ولكننا عجزنا في ان نحافظ على هذا الشرف، وتمكن منا المستعمر واعوانه، وما زلت الثورة مستمرة وستنتصر، وما زالت اهدافها ماثلة في الذهنية وبرنامج عمل الثوار جنوبا وشمالا، الكل يناضل مهما اختلفت التسميات ستجد الاهداف واحدة وسبتمبر ما ثله .