كتابات خاصة

حول رسالة السنوار للحوثي!

– بحسب معلومة خاصة، فإن السنوار قبل عام من الآن وقبل اندلاع طوفان الاقصى بأشهر، أجرى اتصالاً مع عبدالملك الحوثي، وهو أول قيادي رفيع من حماس يتصل بالحوثي حتى حينه، أبلغ السنوار الحوثي بأنه يتابع ما يرد في خطاباته حول فلسطين وأنه يراقب باهتمام قدرة الجماعة على مراكمة سلاح نوعي.. تحدث أنه يريد معرفة الى أي مدى يمكن لهم أن يستفيدوا مما لدى الحوثي فيما لو شنت اسرائيل حربا واسعة قادمة على غزة ووعده الحوثي بالإسناد، ولكن ضمن المحور.

– يظهر من خلال نص الرسالة أن السنوار وحماس والقسام يراهنون على خطوات عملية وفعالة لا تتقيد بما وصفه السنوار في رسالته ب”الاحتواء والتحييد لجبهات المقاومة” من قبل امريكا وإسرائيل. وهو أمر واضح من خلال انكفاء إيران مؤخراً ومراوحة حزب الله في صواريخ الكاتيوشا رغم الوعيد ورفع سقف الخطاب، ولذلك فهو يلتقط مناسبة صاروخ تل أبيب يوم (الأحد 15 سبتمبر/أيلول)، للبناء عليها، بحثا عن زخم يسند معركته حتى تتمكن من إنضاج تحول عسكري في الميدان، وهو أمر ممكن رغم التعقيد والحصار.

– من المحتمل أن إيران وحزب الله قد اتخذوا قرارهم تحت ضغط وتهور نتنياهو بإيكال المهمة التي ما تزال حماس تنتظرها، إلى الحوثي، كون الكلفة والمخاطر عليه أقل ويمكن استخدامه كهراوة عارية في دفع الحرج عن المحور، وهذا متوقع منذ بداية المعركة، كما أن الحوثي يمكنه التعذّر بالمسافة والامكانات والحواجز لكن يمكنه الاختراق بين زمن وآخر، ويأخذ الأمر منحى طويل الأجل، ولذلك نرى الحوثي يكرر في خطاباته الأخيرة بأنه يطور امكاناته وكل ما يتوصل إليه ويمكنه سيفعله، ولكن بتقديري، لو أن إسرائيل شنت حربا على حزب الله فسوف نرى الحوثي يُخرج -وفوراً- أسلحة أكثر تطوراً وفعالية، وهي اسلحة عهدت بها إيران إلى الحوثي منذ ٢٠٢١ تقريبا، تحسبا ليوم حزب الله المحتمل.

– واضح أن حركة حماس بعد الكُلفة الهائلة في المدنيين والدمار الكبير، وإصرار نتنياهو على مواصلة التوحش والإبادة أصبحت ترى في مسار الحرب الطويلة والمستمرة خيارا وحيدا، حتى تتغير الموازين والعمل على تطوير بعض الأسلحة والاستفادة من معرفة تكنولوجيا صاروخية نظرية قد يكونوا حصلوا عليها من إيران أو تركيا أو أي جهة اخرى، وبالتالي من الممكن أن يكرروا تجربة الحوثي في قدرة الصواريخ البالستية على تغيير موازين المعركة. وهذا أمر قد يحتاج بين ستة أشهر و18 شهراً، في حال تيسر إدخال وتهريب بعض القطع الصغيرة والمحركات إلى غزة. لكن من خلال إطلاق الحوثي لمسيرة يافا في يوليو/تموز وهذا الصاروخ الأخير فإن المحور يفضل ابقاء المعرفة التكنولوجية المتقدمة بيده ويتحكم هو في اطلاقها، عبر الحوثي غالبا؛ وحسب الظروف.

– بالنسبة للحوثي فهذا يعني اعتراف مهم بنجاح طموحه في دمج الجماعة بالقضية الفلسطينية، واعترافا بالدور بالشكل الذي يعزز شرعيته محليا أمام كل القوى، والغالبية التي تقاوم مشروعه منذ ٢٠١٤، وأيضا يمنحه شرعية ويرفع اسهمه إقليميا.

– دمج الحوثي لجماعته بالقضية الفلسطينية ينقذه مما يمكن وصفه بشبح “البطالة الجهادية” الذي كان يلوح أمام عبدالملك خلال العام الماضي قبل ٧ أكتوبر/تشرين الأول، خاصة عندما أبدت السعودية إصرارا على تجميد أي نزوع للحرب وإفساد كل مبررات الحوثي وتقديم تنازلات من أجل وقف الحرب.. حينها كان مقاتلي الحوثي قد عاد كثير منهم لمنازلهم بعد مرور أكثر من عام على الهدنة، واكتشفوا عبثية وضعهم طيلة ٩ سنوات عندما فتحوا أعينهم على ثراء الهاشميين، وتسلطهم وقرر كثير منهم التركيز على شؤونهم الشخصية، فيما جزء أخر انضم إلى الساخطين ضد الجماعة وقمعها وجباياتها القاسية. وبلغ السخط الشعبي ذروته في ذكرى ٢٦ سبتمبر/أيلول العام الماضي وشعر الحوثي بأنه في وضع صعب ومعقد، لكن ما إن جاءت طوفان الاقصى حتى وجد فيها قارباً مثاليا للنجاة ينقذه من بطالة الحرب ويمنحه اقترانا بقضية متجذرة في وجدان الناس وتصلح لرفعها شعارا في وجه أولويات الناس وسخطهم، وبالأساس يهمه منها ما يكسب داخليا، باستثناء اثبات فائدته للإيرانيين الذين استثمروا فيه بسخاء.

– ما لن يعجب الحوثي في رسالة السنوار هو حديثه بعمومية عن دور اليمنيين تاريخيا مع فلسطين، وكذلك إفراده تحية ل”قيادة اليمن” وأيضا “انصار الله”، ولذلك إرتاب إعلام الحوثي في تفسيرها، وتجنبوا ايرادها في ملخص وسائل اعلامهم ومسؤوليهم، فالحوثي يبني دعايته شعبيا على أن كل ما دونه عملاء إسرائيل أن قضية فلسطين يمنيا بدأت معه فقط.

– السنوار لم يذكر إيران في ختام رسالته بينما ذكر حزب الله والفصائل العراقية والحوثي وهذا يرجح أن إيران فعلا قررت الانكفاء، وتتراجع إلى الظل لضبط الإيقاع والتخلي عن الدور المباشر.

خلاصة القول إن السنوار يهدف الى تشجيع وإقحام الحوثي في دور أكبر، ويقول بوضوح إن الاسناد يجب أن يكون من هذا المستوى نحو قلب الكيان وأن ما دون هذا لا يؤثر كثيراً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى