لا شك أن الحوثيين وحليفهم الرئيس اليمني السابق يتلقون الأسلحة بشكل مستمر من خارج البلاد، تلك التي تطيل أمد المعركة (خفيفة ومتوسطة)، بالرغم من الحظر المفروض على اليمن بقرار مجلس الأمن ابريل/نسيان2015م. لا شك أن الحوثيين وحليفهم الرئيس اليمني السابق يتلقون الأسلحة بشكل مستمر من خارج البلاد، تلك التي تطيل أمد المعركة (خفيفة ومتوسطة)، بالرغم من الحظر المفروض على اليمن بقرار مجلس الأمن ابريل/نسيان2015م.
تمتلك البلاد شريط ساحلي كبير على البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي وخليج عدن، هذه السواحل العملاقة يصعب مراقبتها بشكل دقيق، ولذلك تصل الأسلحة بعدة طرق إلى البلاد، أغلبها عن طريق البحر ثم براً إلى أيدي المشترين.
خلال الأسبوع الحالي نُشر تقريران الأول لنشرة “أنتلجنس أون لاين”، الاستخبارية الفرنسية، والثاني لـوكالة “رويترز” البريطانية، فكك التقريرين جزءاً من العُقدة حول طُرق ومصدر وصول الأسلحة للحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق.
النشرة الفرنسية، سلطت الضوء على التهريب عبر البحر العربي والمحيط الهندي للأسلحة القادمة من إيران، فيما تقرير رويترز يشير إلى الأسلحة القادمة عبر المهربين من أمريكا اللاتينية وأفريقيا عبر البحر الأحمر والذي كشفته محاكمة شركة أسلحة برازيلية باعت قرابة 11 ألف من البنادق لمُهرب السلاح فارس مناع (القريب من الحوثي وصالح) الذي كان محافظاً لصعدة بين 2011-2014م.
تستخدم إيران جزراً عمانية في محافظة ظفار الحدودية مع اليمن، كمخازن أسلحة للحوثيين، كانت إيران تمتلك مخازن أسلحة في جزر دهلك الارتيرية لكن مع عمليات التحالف يبدو أنها أوقفت النشاط الإيراني على البحر الأحمر، فالبديل الرئيس هو المياه العُمانية إلى جانب ميناء صلالة وهي المدينة الأكبر في محافظة ظفار وتملك صيتاً واسعاً بتحكم جنرالات عُمانيين، تراهم السعودية كـ”لوبي إيراني” يعمل بجّد لتسليم السلطنة للقرار الإيراني، بما في ذلك دعم الحوثيين.
تملك إيران علاقة جيدة للغاية مع سلطنة عُمان، الأحد الماضي وقعتا اتفاقاً لترسيم الحدود كما هي أيضاً لمناقشة قضايا إقليمية لأيام متواصلة، وزير الداخلية العُماني يشير إلى أن بلاده ترغب بتوسيع العلاقات مع إيران أكثر بكثير مما هي عليه الآن كما تشير صحيفة “إيران” الصادرة الاثنين.
التحالف العربي كان قد وجه نداءً لسفينة إيرانية في عرّض المحيط يدعوها للتفتيش لكنها رفضت بحجة كونها على المياه الدولية بعد أسابيع قليلة من الإمساك بسفينة أسلحة إيرانية كانت في طريقها للحوثيين، تقرير للأمم المتحدة في فبراير/ شباط الماضي يؤكد نوعية الأسلحة المصنعة إيرانياً والتي كانت مثيلاتها في يد ميليشيات حزب الله حتى وقت قريب، عمليات التهريب إن لم تكن على البحر من طريق السلطنة فهي تمر براً عبر الحدود لتشق الطريق على الأراضي الصحراوية حتى مناطق سيطرة الحوثيين في شبوة وحتى مأرب لتصل إلى مكانها في مخازن الجماعة.
المعلومات المخابراتية تشير إلى أن أحد أولئك الذين يميلون إلى توثيق التنسيق مع إيران، هو الجنرال سلطان بن محمد النعماني، وزير مكتب قصر السلطان. وادعت النشرة أن النعماني ينتمي إلى إحدى أبرز الأسر العمانية، يشرف بشكل رسمي جهاز أمن الدولة، وهو جهاز المخابرات الداخلية العمانية الذي استثمر لفترة طويلة في علاقته مع المكونات اليمنية تحت غطاء مراقبة الحدود بين بلدين.
محافظة ظفار لا تخضع بعض مناطقها بشكل كامل للسلطة المباشرة في مسقط فتاريخها مليء بالتمردات على نظام السلطان حرب ظفار (1965-1975م)، (حتى بعد خمس سنوات من حكم السلطان قابوس) وكان النظام الجنوبي في اليمن يدعم تلك الحركات “الاشتراكية” وهو ذات النظام الذي تقارب مع إيران بعد ثورة الخميني 1979م؛ لذلك فمن السهل أن تجد إيران موطئ قدم يساعدها لدعم الحوثيين وميليشياتها الانفصالية جنوبي البلاد وإيصال السلاح إليهم عبر تلك الزاوية المهمة.
وكثيراً ما تحدث الجيش اليمني مؤخراً عن ضبط شحنات أسلحة مهربة براً إلى الحوثيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها؛ تمر من المهرة وحضرموت وحتى شبوة.
الحاجة للسلاح دائمة في الحروب لكن هناك حاجات مُلحة أيضاً مثل المواد الأولية لـ”صنع الصواريخ” والتي قد تمر من مناطق سيطرة الحكومة والمقاومة دون الشعور بأهميتها وهذه الصواريخ هي تلك النوعية من الصواريخ التي تصنعها إيران، ويطلقها الحوثيون باتجاه المحافظات السعودية المحاذية للحدود اليمنية بشكل مستمر، كان أخرها صاروه “بركان1” الذي يتطابق في وصفه مع صاروخ “شهاب2” الإيراني، وبالرغم من جزم البعض بوجود خبراء إيرانيين في اليمن يعملون مع الحوثيين، إلا أن ذلك ليس ملزماً فحسب مجلة “الحرب الطويلة” الأمريكية فإن إيران قامت بالفعل بتصدير تكنلوجيا السلاح إليها إلى الحوثيين لصنع صواريخ بالستية.
في الجانب الأخر يعمل تُجار السلاح على قدم وساق لإيصال الأسلحة للحوثيين والقوات الموالية لـ”صالح”، من “البرازيل” كان القضاء الحكم الفصل في ذات الموضوع فـ”فارس مناع” رجل الحوثيين وصالح هو أحد أخطر مهربي السلاح إلى القرن الأفريقي (الصومال -السودان- أوغندا…) و وضعته الأمم المتحدة والولايات المتحدة ضمن القائمة السوداء لمهربي السلاح في العالم والمتسبب بالحرب الأهلية الصومالية عام 2010م، وجرى حظر سفره و وصوله إلى ممتلكاته كما تم تحذير الشركات من التعامل معه.
ثاني أكبر شركة سلاح في أمريكا اللاتينية تعاملت مع مناع رغم الحظر؛ شحنات أسلحة بين 2013م وحتى بعد وصوله بشكل سري إلى البرازيل لعقد صفقة أسلحة أكبر في يناير/كانون الثاني 2015م بجواز سفر مزور، استمر التعامل مع الرجل والأسلحة التي يقاتل بها الحوثيون هي أسلحة جلّبها الرجل من تلك الشركات؛ التي بحسب الاتفاق توصل شحنة الأسلحة إلى جيبوتي وتنقل إلى اليمن عبر باستخدام شركات مثل شركة الشرق لصيد الأسماك.
لتصل بدورها إلى الموانئ والسواحل اليمنية عبر قوارب الصيد، لذلك لا ريب أن الجيش اليمني والتحالف يسعى للسيطرة على “ميدي” تلك المدينة التي تحوي ميناء صغير يستخدم كممر آمن لإيصال السلاح إلى معقل الحوثيين في صعدة القريبة، فما يزال شريط ساحلي في المدينة والتباب المجاورة لها تحت سيطرة الجماعة رغم الخسائر التي لحقت بهم طوال فترة الحرب منذ مارس/آذار 2015م.
حسب وثائق المحكمة البرازيلية فإن فارس مناع استطاع نقل دفعة من تلك الشحنات إلى الأراضي اليمنية، بموجب العقد بين الشركة والرجل؛ هذا ما أظهرته شركة واحدة في البرازيل فيما يملك الرجل علاقات واسعة مع مافيا السلاح على طول وعرض الكوكب، في كندا وفرنسا وتايلاند وحتى النمسا، ويملك الرجل مخزوناً من السلاح لا ينفذ في أفريقيا، وعبر هؤلاء يستطيع الرجل تزويد الحوثيين بالسلاح طالما يحصل على المال الذي يناسبه، فالحكومة اليمنية تتحدث عن 4.5 مليار دولار جرى سحبها من البنك المركزي والتي كانت كاحتياطي.
تهدف الحكومة اليمنية إلى تجفيف منابع المال السهل على الحوثيين لشراء السلاح أو لتغذية جبهاتهم، رغم ما يدفعه الموظفون الحكوميون في صنعاء من معيشة صعبة، إلى جانب تضييق الحصار على التهريب داخل البلاد، مع ضغط عسكري موازي في الجبهات من أجل الوصول إلى مرحلة يعجر الحوثي/صالح عن الاستمرار في حربهم الخاسرة، لكن إيران وتُجار السلاح لهم رأي آخر فهم يحققون مكاسب أكبر كلما استمرت الحرب يوماً آخر؛ لتبقى معركة عظ الأصابع من يصرخ أولاً.