لغتك هي التي يتحدثها قرابة عشرين ألف جريح في تعز.. إنها لغة البحث المفهوم عن خلاصك الذاتي وخلاصك العام في الآن نفسه. عذبتني يا أمجد السري! وهذا لأنني حاولت سبر أغوار جرحك وقد طويته في الملف المهمل لجرحى تعز..
دعني اليوم اقدم مقاربتي الأخيرة بين اللغة المفهومة التي يتحدثها جرحك واللغة التي تتحدثها الحكومة الشرعية بالمقابل.
لغتك هي التي يتحدثها قرابة عشرين ألف جريح في تعز.. إنها لغة البحث المفهوم عن خلاصك الذاتي وخلاصك العام في الآن نفسه.
وفي بحثك عن خلاصك الذاتي كجريح، تجد نفسك أمام حكومتك الشرعية وقد سلبها الإنقلاب هياكل ومؤسسات المال والقرار..
ما العمل يا ليد؟
كان على اللجنة العليا للإغاثة أن تتجه لحشد مساهمات وأدوار الغوث الطبي والإنساني عموماً من خارج الوعاء المالي للحكومة الشرعية.
على أن ثمة فجوة كبيرة بين تعهدات الداعمين الإنسانيين وإمكانات الوصول إلى جرحك المجيد.
الشيء الذي أكده لي رئيس اللجنة العليا للإغاثة ووزير الإدارة المحلية عبد الرقيب سيف فتح في حديثي معه على الماسنجر!
يرى فتح أن هذه الفجوة يصعب ردمها دون تحرير كامل لتعز، إلا إذا كان هناك تشبيك واسع على الأرض يشمل أكبر قدر ممكن من منظمات المجتمع المدني المحلية، إنما الفاعلة والمتحمسة للعمل الانساني.
من الناحية النظرية، يبدو هذا التشبيك ملائماً أكثر لتحقيق الإستجابة المتعلقة بإنقاذ الأرواح في حرب كالتي شنها عليك من لا يكترث بشيء اسمه: القانون الدولي الإنساني.
وبالنسبة للحكومة التي سلب الإنقلاب هياكلها وبنكها، فلربما تعوض شبكات المنظمات المحلية والفاعلون الإجتماعيون تلك الهشاشة التي انتابت المرافق الطبية.. علاوة على ما دمر.
عبر وسائل الإعلام وفي صفحته على فيسبوك يحرص الوزير “فتح” على إطلاعك ضمن جمهور واسع عن طبيعة ونوع التدخلات التي يحشدها ويرتبها في المجال الإنساني وبدرجة أخص ملف جرحى تعز.
لا أدري ما إذا كنتما صديقين على فيسبوك أو يجمعكما جروب على الواتس آب.. فعبد الرقيب فتح، هو أكثر وزراء الشرعية تواصلاً مع الناس في الداخل.
الاسبوع الماضي كان في عدن، حيث أعرب عن تقديره لشبكة إستجابة للإغاثة والأعمال الإنسانية التي دشن معها سفر 50 جريحاً من تعز توجهوا للعلاج في السودان..
وددت لو كنت معهم.. إذ كان سفرك للعلاج في السودان قد تقرر مطلع هذا العام!
على أن أمامك فرصة؛ فشبكة إستجابة التي ضمت عدداً من منظمات المجتمع المدني المحلية ويدعمها رجال خير من الكويت تتبنى حالياً علاج 300 مصاباً من جرحى العيون في تعز، كما أبدت استعدادها لعلاج 500 مصاباً من جرحى العظام والمخ والأعصاب، وكل هذه الحالات سيجري علاجها داخل هذا البلد.
أظن سفرك إلى السودان جابه مشكلة اسمها “التقرير”، وهو التقرير الطبي الذي يوصف حالة الجريح ويبرز حاجته للعلاج في الخارج.
بخصوص هذه المشكلة التي واجههاغالبية جرحى تعز، يبدوا أنها معالجات.
فهمت من عبد الرقيب بأن هناك لجنة واحدة ومحددة تم تشكيلها مؤخراً لاصدار هذه التقارير.. بعد أن تعددت اللجان وأثارت لغطا!
قد يثير هذا سؤال من نوع: كيف تقوم هذه اللجنة الواحدة بعملها حيال الأعداد الهائلة والمتزايدة لجرحى تعز؟
كما أن هناك عراقيل اخرى تتعلق بصعوبة إستصدار جوازات السفر للجرحى ومرافقيهم!!
تبين هذا عند فحص وثائق السفر لرفاقك الخمسين الذين توجهوا للسودان بتمويل من شبكة إستجابة.
بهذه الصورة المعقدة يجري ترتيب التزامات “مركز سلمان” والتي تعهدت بعلاج 224حالة لجرحى تعز في الخارج، ومثله التزامات دولة الإمارات التي وعدت بعلاج 200 حالة مماثلة.
وفي ظل الحصار الخانق واتساع رقعة الحرب في تعز، لجأ مركز سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ومنظمة الصحة العالمية إلى الإنزال الجوي لكميات من الأدوية والمستلزمات العلاجية!
وتتولى عدد من المنظمات المحلية أهمها “إئتلاف تعز للإغاثة الانسانية” مسؤولية إيصال هذه الأدوية للمستفيدين في ظل مخاطر أمنية شتى!
وهنا ينتابني العجز كلما خاطبتك بمعناك الرمزي الذي يشير إلى جرحى تعز.
الشيء الذي بات علينا حسمه بمنطق النهايات الحتمية اللائقة لكتائب جرحى تعز وقد تضاعف أعدادها بالمعنى الذي يشير إلى المقاتلين الرامين إلى الإنعتاق والحرية.
الشيء الذي يعني ضمن ما يعني الإنتصار لشرعية رئيسك المنتخب والحكومة التي عينها والتحالف العربي الداعم لهذه الشرعية.
النصر الذي يضع نهاية لائقة لبحثك المضني عن ما يشفي غليل جرحك، وهو الغليل الذي لا يشفيه مجرد حصولك على تقرير الطبي، ولا يمحو ندوبه مجرد حصولك على جواز سفر تنفذ به للعلاج الى السودان!
لا شيء كالذي تبذله حكومتك الشرعية يحفظ كرامتك الآدمية كجريح يئن تحت ركام مدينته المدمرة والمحاصرة في آن..
ما لم تحرز انتصارك على نحو كلي تحول ملف الشهداء والجرحى إلى جريمة يحمل وزرها معسكر الشرعية، إذا ما أبتلاه الله بالهزيمة!!
ففي الثورات كما في حروب التحرير، إذا انتصرتَ فأنت القانون وإذا إنهزمت فأنت الجريمة!
فكيف لا تنتصر.. وأنت الذي حملت بندقيتك في الباب الكبير لتنتصر!
وفي يوم عيد الأضحى الماضي، كان عليك أن تهوي بجسدك الرشيق على مشارف وادي الدحي، لتنتصر!!
أنت الذي قابلتك مدينتك التحايا بالتحايا والهدايا بالهدايا..
لذا يوم مددت جمجمتك كي تذرف خصابا لها، مدتك بحبلها السري ثم همست في أذنك: عامك سعيد وعمرك مديد ونصرك أكيد يا أمجد!!