“الشقب”.. قصة بلدة يمنية في “تعز” أنهكتها حرب الحوثيين (تقرير مصور)
تتصدر بلدة “الشقب”، جنوبي محافظة تعز اليمنية، رقما متقدماً في قائمة البلدات التي تعيش وضعاً مأساوياً في اليمن، جراء الحرب التي يشنها المسلحون الحوثيون وأنصار “صالح”. يمن مونيتور/ تعز/ من أحمد الصهيبي
تتصدر بلدة “الشقب”، جنوبي محافظة تعز اليمنية، رقما متقدماً في قائمة البلدات التي تعيش وضعاً مأساوياً في اليمن، جراء الحرب التي يشنها المسلحون الحوثيون وأنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح على عدد من مدن البلاد، منذ أكثر من عام ونصف.
ويستميت الحوثيون للسيطرة على “الشقب”، فالبلدة الواقعة شرقي جبل صبر، تتمع بموقع استراتيجي هام يطل على عدة بلدات أخرى، في “المسراخ” و”الدمنة”، ومنه تستطيع مركبات الطرف المسيطر على البلدة الوصول إلى موقع العروس الاستراتيجي ومدينة تعز عبر طريق فرعي، ولذلك تنهمر عليها قذائفهم بشكل دائم.
فقدت “الشقب” كافة مؤهلات الحياة، وزرع الحوثيون جروحاً غائرة في كل منازلها بلا استثناء، فالخدمات الصحية معدومة، وجرحى البلدة ذات التضاريس الوعرة، يتم اسعافهم إلى مشافي المدينة، لكنهم يصلون هناك وقد فارقوا الحياة.
مراسل “يمن مونيتور”، أحمد الصهيبي، قام بجولة في البلدة الريفية، بالتزامن مع وصول قافلة إغاثية، وخرج بالانطباعات التالية:
تعليم متوقف
يشكو الطفل، أشرف سعيد، وهو من أبناء بلدة “الشقب”، من توقف التعليم منذ أكثر من عام ونصف، ويقول: “مدرستنا مغلقة، ومعلمينا غادروا نازحين إلى بلدة “الدمنة”، لم يعد أحد منهم موجوداً هنا”.
ويوافقه الطفل، رضوان صادق، الذي يدرس في الصف الثامن الأساسي، والتقاهما مراسل “يمن مونيتور” في البلدة، حيث قال “نريد أن نعود للدراسة كما يدرس بقية الطلاب في المناطق الأخرى، تعبنا من العطلة، ومن توقف الدراسة.
جروح لا تندمل
تعرضت عشرات الأسر للقصف العشوائي بقذائف المسلحين الحوثيين والمواليين للرئيس السابق .. سرد الحاج “عبده سعيد”، لمراسل “يمن مونيتور” معاناة أسرته التي فاقمتها الحرب، قائلاً: “لدي أربع بنات مصابات بإعاقة ذهنية وحركية منذ الصغر، وحين جاءت إلينا الحرب، وأسرتي تعيش في خوف ورعب، بسبب القذائف وصواريخ الكاتيوشا التي تتساقط علينا كالمطر”.
ويضيف، “قبل أسابيع سقط صاروخ كاتيوشا على منزلنا، ودمر أجزاء منه، كما تعرضت شقيقتي لكسور في يدها، في حين تعرضت زوجتي لأزمة نفسية لم نستطع علاجها حتى اللحظة”، مضيفاً، “أنا أيضاً مصاب بمرض القلب والروماتيزم، وأسرتي فقيرة لا تكاد تجد ما يسد حاجتها الضرورية، فضلاً عن توفير الدواء.
الحاجة فاطمة هي الأخرى، تعرض منزلها لقذيفة، وقالت لمراسل “يمن مونيتور”، “سقطت القذيفة على منزلنا في المساء، قتلت زوجة ولدي، وتدمرت أجزاء من المنزل، أغنامي هي الأخرى ماتت بسبب القذيفة.. وتضيف فاطمة والغصة بادية عليها “كنا نعيش بأمان، ربنا يحرمهم عيشتهم”، في إشارة للحوثيين وقوات صالح.
لم تستثنِ الحرب أحداً هنا، و تحكي “نسيم عبدالعزيز”وهي زوجة إبراهيم سلطان، أحد ضحايا الحرب في البلدة تفاصيل مأساتهم، وتقول “سقطت قذيفة هاون على سيارة زوجي التي كانت أمام المنزل وكان زوجي متواجداً فيها، وتحطمت السيارة، لدينا عشرة أطفال، نحن الآن بلا ربّ لأسرتنا، لكننا سنظل هنا في قريتنا صامدين، ولن نذهب إلى أي مكان آخر”.
وأضافت، “سيدافع أبنائي مع بقية أبناء القرية عن منازلنا، وسنقاتل الحوثيين حتى يعودوا إلى بلادهم، وتنتهي هذه الحرب”.
بلدة بلا مشفى
لم يكن في البلدة مشفى خاص بها، وحين فُرضت عليها الحرب، كان الأهالي لا يستطيعون إسعاف وإنقاذ حياة أبنائهم، الأمر الذي يعرض حياتهم جميعاً للخطر في أي وقت.
وحده الطبيب “نصير الشريحي” من التقينا به. قال إنه أسس مشفى ميداني متواضع ويديره مع اثنين من الممرضين، وحين ذهبنا لمشاهدة المشفى الذي حدثنا عنه، لم نجد سوى قارورة معقم جروح وضماد فقط.
يقول نصير، “هذا كل ما لدينا حتى اليوم، عدا ما أوصله لنا ائتلاف الإغاثة الإنسانية من الأدوية وبعض مستلزمات الإسعافات الأولية”.
في المشفى، كان بالطفل صلاح أيوب، يحكي لنا بحسرة قصة مقتل عمه، والذي قال بأنه أصيب بلغم أرضي زرعه الحوثيون أسفل القرية، وحين أسعفوه كان طبيب القرية لا يمتلك الأدوية، حتى أننا لا نمتلك مستشفى خاص بنا، لم يستطع الطبيب إنقاذ عمي فمات بعدها”.
يؤكد الطبيب نصير، أن الوضح الصحي في الشقب “مأساوي للغاية”، ويقول “استقبلت في أحد الصفوف الدراسية لمدرسة الشقب، التي نستخدمها كمستشفى ميداني، 99 حالة إصابة، بسبب الحرب.. كنا نستطيع مداواة الإصابات الخفيفة، والمتوسطة نقدم لها الاسعافات الأولية ثم نقوم بنقله بصعوبة إلى مستشفيات المدينة”.
ويضيف، “أمَّا الإصابات الخطرة، نقوم بإسعافها على الفور إلى مستشفيات المدينة، لكنني لا أتذكر أن أي حالة منها وصلت مستشفيات المدينة وهي ما زالت على قيد الحياة”.
وكان ائتلاف الإغاثة الإنسانية بتعز قد سيَّر الاثنين الماضي قافلة إغاثية (غذائية وطبية) للمتضررين المحاصرين في “الشقب”، قدم أهالي البلدة شكرهم للائتلاف، على الرغم من أن المعونات المقدمة لن تكون كافية لتغطية الاحتياج اللازم والمستمر مع استمرار الحرب.