أخبار محليةكتابات خاصة

فشل مفاوضات مسقط

عند أي مفاوضات بين الحكومة الشرعية والحوثيين فيما يتعلق بملف المختطفين والأسرى يعلق كثيرون عليها الآمال علّ تقدما وانفراجة يشهدها الملف وخاصة أقارب وأهالي المختطفين والأسرى الذين يقفون على رصيف الانتظار لساعة الفرج بخروج ذويهم.

ربما الجولة الأخيرة في مسقط  لم تحظ بأمل واسع ولم تٌعلق عليها آمال كبيرة، لأنها قفزت على خطوات كان لا بد من البدء بها قبل الجلوس على طاولة التفاوض تتعلق بكشف الحوثيين عن المخفيين قسرا وعلى رأسهم السياسي اليمني محمد قحطان والسماح بزيارتهم وهي التزامات وقعت عليها الميليشيا في مفاوضات مارس 2023، وبقيت الحكومة الشرعية تطالب الحوثيين بتنفيذ تلك الالتزامات لكن ميليشيا الحوثي تتهرب وترفض ذلك، ولم يعد من ذلك التاريخ أي جدوى من اللقاءات مالم تبدأ الميليشيا بالكشف عن مصير المخفيين.

في منتصف يونيو2023 أعلن رئيس الوفد الحكومي المفاوض يحيى كزمان انطلاق مشاورات مع وفد الحوثيين تتضمن الكشف عن مصير المخفيين وعلى رأسهم السياسي قحطان الأمر الذي أعده مراقبون وسياسيون وناشطون ومثقفون تنازلا من الحكومة الشرعية  بحضورها تلك المشاورات قبل الإفصاح عن المخفيين وقحطان خصوصا، حيث وأن الملف ارتبط بتلك الالتزامات  وأي جهود لا تبدأ من تلك النقطة فهو استهلاك للوقت وإطالة لمعاناة المختطفين والأسرى ومعاناة أهاليهم كما هو عبث بمشاعرهم ونفسياتهم، أما حزب الإصلاح فقد عبر عن موقفه من تلك المشاورات من خلال ناطقه الرسمي عدنان العديني عندما نشر عبر حسابه على منصة إكس :   لا قيمة لأي لقاءات بشأن المختطفين والأسرى إذا لم تنجح أولا فيما يتعلق بالسياسي قحطان. ولم تتوصل تلك المشاورات إلى نتيجة لأنها لم تبدأ بما كان يجب أن تبدأ به، ومع ذلك لم تتوقف جهود مكتب المبعوث الأممي اذ ظل يحشد جهودا مكثفة لإطلاق المفاوضات وبرغم من أن التقدم في الملف أصبح مرتبطا بتنفيذ الحوثيين لإلتزاماتهم إلا أن الوفد الحكومي كان يبدي تجاوبا إيجابيا مع مكتب المبعوث وحسب المعومات المؤكده فقد تم الترتيب من قبل مكتب المبعوث لإجراء مفاوضات في نوفمبر 2023 ويناير 2024 قوبلت برفض الحوثيين وكانت الأعذار غير منطقية وهي طلب تغيير مكان المفاوضات التي كان الترتيب لإقامتها في سويسرا والأخرى في الأردن  وقد أكد رئيس الوفد الحكومي يحيى كزمان تعنت الميليشيا ورفضها الحضور إلى تلك المفاوضات عبر منشور على حسابه بمنصة إكس في 3 يناير 2024.

ونزولا عند الرغبة الحوثية في تغيير المكان انطلقت في  30 يونيو 2024 مفاوضات في العاصمة العمانية مسقط  ولم يحضرها ضمن الوفد الحكومي ممثل الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بمأرب حسن القبيسي وهي ليست المفاوضات الوحيدة التي لم يحضرها فمنذ صفقة أبريل 2023 لم يشارك في أي لقاءات أو مشاورات معتبرا  أي تفاوض لابد وأن يبدأ من تنفيذ ميليشيا الحوثي ما التزمت به وتكشف عن المخفيين وعلى رأسهم السياسي قحطان.  فيما لم يذهب بقية الوفد إلى تلك المشاورات إلا بعد تلقيه توجيهات رئاسية بعدم إبرام أي صفقة تبادل مع الميليشيا الحوثية لا تشمل إطلاق سراح قحطان أو على أقل تقدير الكشف عن مصيره.

وأقيمت المفاوضات بين الحكومة الشرعية والحوثيين بمشاركة وفد سعودي أيضا جاء بقائمة تشمل سعوديين في سجون الحوثي بينهم اثنين طيارين، ولم يكن الحوثيون جادين إذ لم يفصحوا عن قحطان وحاولوا المراوغة بطرح خيارات مستفزة حوله تكشف عدم رغبتهم في نجاح المفاوضات والاستمرار في تعقيدها وذلك من خلال اشتراطهم اطلاق سراح قحطان مقابل 50 حوثيا أسيرا في سجون الحكومة الشرعية أو اطلاق جثة قحطان إن كان ميتا مقابل خمسين جثة حوثية لدى الحكومة الشرعية، وللأسف الشديد وقع الوفد الحكومي في زلة صحفية من خلال تصريح  لأحد المواقع اليمنية أدلى به الناطق الرسمي يتبنى فيها خيارات الحوثي المستفزة وتطابق أيضا تصريحات الوفد الميليشياوي وهذا ما أثار سخط واستياء سياسيين وصحفيين وناشطين ومثقفين وكان على رأسهم رئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح محمد اليدومي الذي قال أن مشاورات مسقط تتحدث بلغة واحدة ويتمنى للشرعية من يمثلها في اللقاء وهنا أظن تعبير مجازي قصد منه غياب موقف الشرعية ولم يقصد الأشخاص المفاوضين وإذ كانت التصريحات أيضا تتعارض مع التوجيهات الرئاسية ومواقف المكونات السياسية الداعمة للحكومة الشرعية.

وانتهت الجولة بالفشل بعد تعنت الحوثيين ورفضهم الكشف عن مصير المخفيين وعلى رأسهم قحطان إضافة إلى رفضهم إطلاق سراح الطيارين السعوديين الأمر الذي أغضب الجانب السعودي مع حرصه على نجاح تلك المفوضات، أما سلطنة عمان البلد المستضيفت  فقد فشلت دبلوماسيتها في اقناع الحوثيين بالتقدم في الملف وربما كانت أيضا السلطنة  هي الأخرى كذلك حريصة على نجاح تلك المفاوضات كونها أول عملية تفاوضية علنية تستضيفها بين الحكومة اليمنية مع الجانب السعودي والحوثيين فيما يتعلق بملف المختطفين والأسرى.

ولم تشهد المفاوضات حقيقة أي تقدم في الملف حتى وإن حاول مكتب المبعوث الخروج ببيان يتحدث فيه عن تقدم وعن إجراءات ستقوم بها الأطراف تتم قبل عقد جولة جديدة بعد شهرين ، وأن المفاوضات حققت تقدما فيما يتعلق بملف السياسي محمد قحطان فهذا لم يحدث وما حدث هو استفزاز الحوثيين لمشاعر أهالي وأقارب السياسي قحطان بخياراتهم وطرحهم المستفز اللا أخلاقي واللا إنساني وكان تقرير المبعوث أشبه بتقرير إدراري كإسقاط واجب لم يٌحسب فيه للمبعوث وطاقمه إنجازا تم تحقيقه خلال الجولة.

يبقى التقدم في الملف حقيقة مرهون بجدية الحوثيين وتنفيذهم التزامهم والبدء بالكشف عن المخفيين قسرا والسماح بزيارتهم وعلى رأسهم السياسي قحطان ثم الانطلاق في التبادل على مبدا الكل مقابل الكل دون انتقائية أو شروط تعجيزية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى