تعامل المجتمع الدولي بشكل متدرج مع الملف اليمني بالتزامن مع مرور الوقت، بمعنى أن المجتمع الدولي الذي كان يعتبر أن في اليمن طرف انقلاب من جماعة متمردة وآخر اسمها حكومة شرعية باتت تصفهم اليومبالأطراف السياسية، آخرها ما نتج عنه من لقاء لندن.
تعامل المجتمع الدولي بشكل متدرج مع الملف اليمني بالتزامن مع مرور الوقت، بمعنى أن المجتمع الدولي الذي كان يعتبر أن في اليمن طرف انقلاب من جماعة متمردة وآخر اسمها حكومة شرعية باتت تصفهم اليومبالأطراف السياسية، آخرها ما نتج عنه من لقاء لندن.
بمعنى آخر، أن موقف الدول الفعلة كأمريكا والاتحاد الاوروبي الذين دفعوا بقرار بمجلس الأمن في بداية العملية العسكرية ضد الحوثي وصالح ربما من المستبعد أن يضغطوا بقرار جديد أو تفعيل الأول ما دام وأن الاعتبارات الأمنية التي تشهدها المناطق المحررة لا زالت مضطربة.
أمريكا بكلها، لا تعنيها بقاء المشهد منقسماً بقدر ما تعنيها تحجيم خطر “الإرهاب” في المناطق الجنوبية، لكنها وبقية الفاعلين الدوليين على قدر من الإحراج من أن يعترفوا بجماعة انقلبت على سلطة شرعية لأنها أبقت على مناطقها بعدم وجود “الارهاب”، لذلك ظل المشهد هجين بين ماراثون المشاورات وبقاء المفدعية على جبهات القتال.
لو أن المجتمع الدولي وفي مقدمته روسيا ظهر لهما ربع قانون لإبقاء سلطة الحوثي في صنعاء لأنهوا الأمر بالقوة وضغطوا على سلطة الرئيس هادي لقبول ما يشترطه الحوثيين في المشاورات.
بدورهم الحوثيين، رغم أنهم باتو يعرفون أن هناك تلكؤ دولي في أي محاولة لتركهم صنعاء إلاّ أنهم شعروا بمدى عجزهم في إقناع الدول الـ18 بأنهم سلطة وعلى الحكومة أن تقدم تنازل في الحل السياسي أولاً.
لجوء الحوثيون وصالح لإحياء مجلس النواب هو نتاج لذلك العجز في إحداث ثغرة في جدارالمجتمع الدولي واقناعه بخيط قانوني يتيح لهم حتى مجرد المقايضة مع الحكومة في الجانب السياسي.
وحين أعلنوا عن تشكيل المجلس السياسي قال أحد أعضاء وفد حزب صالح إن هناك دول أيدت الخطوة ومن بينها روسيا والصين وهذا المجلس حين يُعطى له شرعية من مجلس النواب، سيعطي في نفس الوقت، فسحة لهذه الدول حيزاً للتفكير للتحجج به قانونياً في أي مشاورات قادمة أو لقاء في مجلس الأمن.
وعلى الرغم من كون تشكيل المجلس أظهر أنه لغرض تكتيكي بحسب التشكيلة الهزيلة الذي تمثله واختفاء الوجوه الفاعلة التي كانت ولا زالت تؤيد صالح إلاّ أن استمراء الخطوات التالية ستعطي فسحة للدول الداعمة للحوثيين الخروج من الظل إلى الدفاع المباشر لا سيما في مجلس الأمن.
مثلاً، إعادة البرلمان رغم أنه لم يعد له غطاء شرعي بحكم بقائه ضمن شرعية توافقية إلا أن سكوت الدول الفاعلة وعدم فرض ضغوطات ستؤدي الى استمراء الخطوات حتى الوصول بالحوثي وصالح الى تشكيل حكومة تدير ولو صنعاء.
ليس المشكلة حين يتجه البعض للقول بأن البرلمان لم يكتمل نصابه، فاليوم لم يكتمل مع الوقت سيعودون من جديد للحشد وسيكتمل لكن الخطير في الأمر أن تترك الدول الفاعلة والأمم المتحدة الحوثي وصالح يتجهون في الخطوات حتى تشكيل حكومة، حينها هل تنتظر الحكومة الشرعية نصائح ولد الشيخ بأن عليها أن “تتحلى بضبط النفس فالمتغيرات تستعدي مزيدا من التنازلات”!
أمام الحكومة، إذن، ليس مجرد تمرد في صنعاء بل غموض دولي في مواقفه، وهو ما يستعدي الحديث عن التصعيد الميداني كرافعة للدفع بالحل السياسي لكن الميدان أيضاً يواجه فيتو دولي كماتحدث بذلك اللواء حسن خصروف يوم أمس لفضائية “الجزيرة” إن الجيش توقف في نهم لأنه واجه فيتو دولي بعدم دخولها.
وعلى هذا النحو، لا يمكن أخذ خطوات الحوثي وصالح في صنعاء وما يترتب على انعقاد البرلمان على محمل التندر بقدر ما يستعدي استنفار الدبلوماسية الخارجية للحكومة والتحالف من جديد وإلقاء صخرة في الماء الراكدة من جديد وفكفكة الغموض من وجه المجتمع الدولي.