منذ مطلع الحرب وحتى تغرب، فضلت البقاء بعيدا عن تجارتها لأغوص في أعماق حرب حقيقية تنبت على أرضيتها ألف شوكة.. منذ مطلع الحرب وحتى تغرب، فضلت البقاء بعيدا عن تجارتها لأغوص في أعماق حرب حقيقية تنبت على أرضيتها ألف شوكة..
لم يعد هناك ما يستحق القتال.. كل ما هنالك أننا نحيا حياة تليق بروح وصلت في أعوامها السابقة إلى أرقى منابت الوعي والشعور.
الآن ! بهذه اللحظة !! انفجار لم يعد يخيف أحد..
واحد تلو الاخر..
هذه المرة ارتدى رداء البرق والرعد بلا غيم، وصوت دويه تلاشى مع اهتزاز الشجر.
ربما الرعد والبرق دلالة الحزن والوجع.. بكاء لكنه لا يُبكي أحد..
أما البشر فحين يغضبون، يزمجرون بطائرة، بقذيفة، بوجع عابث وصراخ لا يستطع حتى أن يقتلع بذرة من مكانها..
نولد بسطاء، نمتلك من البراءة ما لا نستطيع شعوره الآن!
فضلنا اخفاءها عنا تحت أنقاض ذواتنا المأسورة بنشوة الانتصار.
في الواقع لا أحد ينتصر على أحد.. جميعهم هناك ينتصرون على مريض عجز عن شراء علاجه فبات يتحرك على مقعد ينقل به جسده الذابل.
لم يعد هناك ما يكفي من الحزن لكنهم انتصروا.. ومازالوا يحققون انتصاراتهم، انتصارا تلو الآخر على مسنة وحيدة عجزت عن دفع إيجار الغرفة التي تسكنها.
لا أحد منتصر .. ولا أحد سينتصر..
نعيش في مسرح كبير يطل فيه الغول برأسه، يدق صدره لشعبه العظيم يبشرهم بولادة حرب لا منتصر فيها سواه.. وحين ينتهي، يخفي رأسه وراء ستار. يرفع سماعة الهاتف يحدثهم:
“دعوني انتصر اليوم، فقد بات شعبي يمل من ثبات كفة النصر”.
فيتركوه ينتصر!.. ببساطة..
ثم يخرج الغول الآخر يربت على يد حلفائه.. يصافحهم ويبتسم ويطمئنهم:
“ما زال الشعب غائب عن وعيه، مازال القطيع مكتمل؛ لننتصر مرة قبل أن ينخرط العقد من بين أيدينا”.
يبحثون عن النفط والغاز، يبحثون عن أراضي لتبنى عليها قصور في ذروة شبابها ليستعيضوا عنها بوجوههم التي شاخت.. وأتباعهم على الأرض يزحفون، يلتقطون الفتات.
حتى النصر، صار يباع في السوق السوداء.. والهزيمة أيضا!