آراء ومواقف

انتصار الديموقراطية في تركيا

*ليفنت إيلار

خلال ليلة الخامس عشر من يوليو الطويلة و أعقابها، أثبتت الديموقراطية التركية مصداقيتها مرة أخرى. خلال ليلة الخامس عشر من يوليو الطويلة و أعقابها، أثبتت الديموقراطية التركية مصداقيتها مرة أخرى.
في تلك الليلة، تعرضت تركيا لمحاولة إنقلاب عنيفة دبرها فصيل داخل القوات المسلحة و الذي له صلة مباشرة مع مجموعة فتح الله جولن الإرهابية (فيتو).
ولكن أخفق المتآمرون في حساب قوة الشعب. لقد قام الشعب التركي بجميع أطيافه و خلفياته السياسية بالتصدي لمحاولة الانقلاب الدموية بكل شجاعة ووحدة و تلاحم، مثبتين إيمانهم بقيم الديموقراطية و الحريات الفردية. كانت إرادتهم و كأنها درع لا يقهر أمام الرصاص والدبابات و الطائارت الحربية. استشهد 239 و جرح 2190 شخصا. الموقف المستقيم للسيد الرئيس رجب طيب إردوغان و دعوته للشعب للخروج إلى الشوارع لصد المحاولة البشعة كانتا أهم خطوتين قادتا الموقف نحو الانتصار. مقاومة الأحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني و المدنيين في تركيا قد أظهرت بأنه لايمكن التنازل عن الديموقراطية.
أيضا الحكومة اليمنية قد أدانت محاولة الإنقلاب وأعربت عن تضامنها مع الشعب التركي. نحن ممتنون للحكومة اليمنية و أيضا لرسائل الدعم الصادقة من اليمنيين من ضمنهم الطلاب الذين أتو للدراسة في تركيا، و هي شهادة أخرى لطول علاقة الصداقة بين تركيا و اليمن و إلتزامهم المشترك بالشرعية.
فيتو: مجموعة فتح الله جولن الإرهابية
الهارب فتح الله جولن والذي يقيم في المنفى الإختياري في بنسيلفانيا في أمريكا و يدير جماعة فتح الله جولن الإرهابية، هو زعيم محاولة الإنقلاب. تشير الشهادات و الأدلة التي تم جمعها من المتآمرين الذين قاموا بالإنقلاب بأن فتح الله جولن هو العقل المدبر للإنقلاب. طلبت تركيا من أمريكا أن تسلم فتح الله جولن.
يجب الملاحظة بأن مجموعة جولن ليست حركة دينية أو اجتماعية، وأتباعها لايملكون موقع قدم في السياسة التركية.
هذا التنظيم السري ماكر جدا في التسلل والتخفي و التآمر. فتح الله جولن يؤمن بالإستيلاء السري والتدريجي الذي يبدأ من الداخل وبأن التغيير يجب أن يكون من الأسفل للأعلى. هذا ما قاله في إحدى خطبه: “يجب عليكم أن تتحركوا في شرايين النظام دون أن يلحظ وجودكم أحد حتى تصلوا إلى مراكز القوى.. حتى تكون الأوضاع مهيئة، حتى نستطيع حمل العالم بأسره على أكتافنا.. يجب عليكم أن تنظروا لذلك الوقت لتملكوا قوة الدولة وتأخذوا إلى جانبكم قوة جميع المؤسسات الدستورية في تركيا.. إلى ذلك الوقت، أي خطوة تتخذ ستعتبر خطوة مبكرة مثل كسر البيضة دون الانتظار 40 يوما حتى تفقس. ستكون و كأنه قد تم قتل الفرخ بداخلها”.
قام جولن بتشكيل شبكة عالمية من المدارس ومنظمات المجتمع المدني والأعمال التجارية وتسللوا خفية إلى المكاتب الحكومية ليقوموا أخيرا بالإطاحة بالحكومة المنتخبة ديموقراطيا في تركيا و بناء ديكتاتوريتهم. هذه الشبكة الإجرامية لا تعترف بأي قانون أو أخلاق أو مبادئ إسلامية أو إنسانية في سبيل تحقيق هدفهم المنشود. أيضا نظموا أنفسهم عالميا تحت غطاء يشكل تهديدا و خطرا للدول بإدارة مؤسسات مماثلة. في اليمن أيضا يقومون بالعمل تحت غطاء مؤسسات تعليمية ليأثروا و يمنهجوا الطلاب.. إن منع نشاطاتهم يعد خطوة هامة لأمن اليمن.
تركيا تحارب المجموعات الإرهابية، من ضمنها داعش وحزب العمال الكردستاني، وإنه لمن الضرورة القصوى لجميع الدول أن تنضم  للصفوف وتحارب بؤرة الإرهاب. مجموعة فتح الله جولن هي مجموعة إرهابية تعمل بشبكة عالمية.
في الواقع، هذه المنظمة التي تعمل في الظل لإنشاء أنظمة موازية في عدة دول كانت، على نحو متزايد، موضوعا في وثائق ويكيليكس. لقد اتضح بأن البرقيات الدبلوماسية بخصوص هذه الحركة قد ارتفعت ما بين عام 2003 و 2013 وكذلك الأسئلة و الاهتمامات وذلك بسبب نواياها الغامضة.
المستقبل
دعا الرئيس إردوغان الشعب للبقاء في الشوارع منذ 15 يوليو. تجمع الشعب في الشوارع والميادين في جميع أنحاء تركيا “لحراسة الديموقراطية”. الآن، تحولت هذه المظاهرات ضد محاولة الإنقلاب إلى مسيرات تحتفل بالديموقراطية. هذه التجمعات قد انتهت بالاجتماع التاريخي في يني كابي، اسطنبول، اليوم، بمشاركة السيد الرئيس، المتحدث باسم البرلمان، رئيس الوزراء، و رئيس الأحزاب المعارضة حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية.
الآن، تركيا موحدة و أكثر قوة وأثبتت اتساع نطاق التزام البلاد بالديموقراطية و سيادة القانون. تركيا، كونها تحتل المرتبة 18 في قائمة أكبر الدول اقتصادا، فهي مدمجة تماما في الأسواق العالمية. على الرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية والمخاطر الجيوسياسية (الجغرافية السياسية)، فقد أظهر الاقتصاد التركي مرونة وأيضا استضافته لثلاثة ملايين لاجئ. حافظت تركيا نسبيا على تنمية مستقرة ومرتفعة بفضل الشباب وحيوية السكان.  فمثلا، مشاريع جسر يافوز سلطان سليم (جسر البوسفور الثالث)، النفق بين آسيا وأوروبا، وثالث مطار في اسطنبول مستمرة بلا هوادة.
أيضا دعمنا لليمن سيستمر بهدف إحلال السلام الدائم والأمن والاستقرار للشعب اليمني الشقيق.
 —————
*سفير جمهورية تركيا لدى اليمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى