في مدينة ريفية كإب وغيرها من المدن، أصبح من الدارج أن ترى نساء من غير فئة المهمشين يتسولن على الأبواب وفي الطرقات بهيئات تثير الشفقة كنساء كن مكرمات في بيوتهن ففقدن العائل واخرجتهن الحاجة لهذا الحال, لكنك في إب لن تجد بسهولة سيدة أربعينية ما زالت تحمل هيئة الشباب وهي تعمل في “بسطة ” لبيع الأحذية لمختلف الزبائن.
في مدينة ريفية كإب وغيرها من المدن، أصبح من الدارج أن ترى نساء من غير فئة المهمشين يتسولن على الأبواب وفي الطرقات بهيئات تثير الشفقة كنساء كن مكرمات في بيوتهن ففقدن العائل واخرجتهن الحاجة لهذا الحال, لكنك في إب لن تجد بسهولة سيدة أربعينية ما زالت تحمل هيئة الشباب وهي تعمل في “بسطة ” لبيع الأحذية لمختلف الزبائن.
وجدتها ذات نهار على الرصيف في سوق عادة يكون في وقت من الأوقات مزدحم جدا بالناس، وجدتها وهي ترتب بضاعتها وتنفضها من الغبار وتعتني بوضع تشكيلة أنيقة ملفتة لجذب الزبائن.
تعجبت من وضعها في زحام السوق خاصة هذه الأيام وإب تعج بالبسطات والناس بفعل النازحين وكلهم رجال، فبدا وجودها مستنكراً ليس لي فقط إنما لكل من يمر جوار بسطتها سيقف ليبايع قليلاً حتى لو لم يفكر بالشراء لمجرد الفضول والتندر.
قلة من الناس تلك التي تمتلك الوعي ستحترم تصرف هذه السيدة التي خرقت السائد والمألوف بتصرفها وأصرت على أن تعيل أسرتها بالعمل وليس بالتسول ما دامت قادرة بدنيا.
لقد صار من المتعارف عليه أن تلجأ النساء لأشغال محددة كالخياطة أو العمل في البيوت أو انتظار المعونة من الآخرين فليس من المستهجن عند الناس أن ترى شابة تتسول لكن من المستهجن أن تراها تبيع عقود الفل في الجولات وعلى الطريق.
نظرة الناس لم تتغير كثيرا للأنثى التي تقتحم مجالا للعمل لم يكن مشروعا من الأعراف والتقاليد, ما زالت هي تلك النظرة البدائية المشككة في أخلاقها وأدبها وحيائها..
أذكر في صغري أن مهنة ملائكة الرحمة “الممرضات” كان ينظر إليها شزرا كأنها عيب وجرؤة، حتى الآن لم أفهم لماذا؟ لكننا نتغير ببطء عجيب وستظل نظرة المجتمع الذكوري قاصرة للمرأة حتى آخر الزمان، ما دامت متوارثة بعناية كعرف سائد لن يتبدل.