تفاجأ الكثير بموقف روسيا الذي احبطت بياناً كان سينتقد إجراء الحوثيين بتشكيل المجلس السياسي، لكن هذه الدولة ليست هي المرة الأولى التي تظهر بمواقفها بمجلس الأمن كما لو أنها هي من تمثل الحوثيين وإيران.
تفاجأ الكثير بموقف روسيا الذي احبطت بياناً كان سينتقد إجراء الحوثيين بتشكيل المجلس السياسي، لكن هذه الدولة ليست هي المرة الأولى التي تظهر بمواقفها بمجلس الأمن كما لو أنها هي من تمثل الحوثيين وإيران.
لا تمثلهم على اعتبار أنها تؤمن بسرداب المهدي عند الملالي والبطنين لدى الحوثيين، فروسيا المادية لا تؤمن إلا بما سيقدم للدب الروسي من فريسة أو تربعه على خارطة مليئة بالصفقات والمقايضات، لكن ما دخل اليمن الفقيرة في دائرة أطماع روسيا، إذن؟
في بداية سيطرة الحوثيين على صنعاء أبقت روسيا على موقف غامض من الاحداث في اليمن، ولكن بعد انتزاع المملكة قراراً من مجلس عقب عمليات التحالف أيدت روسيا القرار الذي وقف ضد الحوثي وصالح واستيلائهم على السلطة، حينها كانت روسيا بعيده عن خط الصراع المباشر في سوريا.
وحين تدخلت روسيا ووقفت مع بشار الأسد الذي كانت الحرب تجري على أرياف دمشق بدأت تلعب على مشروع المقايضات بين سوريا واليمن ولكنها أبقت على عدم اعترافها بسلطة الحوثي، بنفس الوقت كانت تظهر فجأة معارضة بمجلس الأمن على أي قرارات تدين الحوثيين وصالح.
وفي وقت كانت روسيا رامية بثقلها العسكري بسوريا وحولت البلد إلى حقل لتجارب أسلحتها مدفوعة “بمباركة الكنيسة الارثوذكسية وقداسة الحرب” استدعت المملكة تحركاً ميدانياً تحت مشروع التحالف الإسلامي، والتلويح بدعم المعارضة السورية بصواريخ حرارية ضد الطيران.
هنا، ورغم فارق القوة باعتبار روسيا ثاني دولة في العالم كقوة عسكرية، إلا أنها بدأت تتحرك للبحث عن الجانب الذي يقلب الطاولة على المملكة.
وجدت ورسيا من الحوثيين الورقة التي تقايض بهم المملكة على سوريا، حينها مدت طهران أرجلها وتركت المهمة على روسيا لتكمل مسيرة المقايضات بإشارات عرفت المملكة أنه يراد لها أن تقع في دائرة الابتزاز الروسي لا سيما استمرار المعارك على حدودها مع مسلحي الحوثي وصالح.
قبل أسبوعين قال عادل الجبير وزير خارجة السعودية أن الرياض مستعدة لكي تعطي حصة لروسيا في الشرق الأوسط لتصبح أقوى بكثير من الاتحاد السوفياتي، مقابل تخليها عن الرئيس السوري بشار الأسد. وفي مقابلة مع صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية خلال زيارته إلى بروكسل قال إن السعودية مستعدة للتعاون مع روسيا بصفتها من أكبر منتجي النفط في العالم.
هذه التصريحات هي ما تجعل روسيا تبلع لسانها، لكن الشهية التي ألقيت لها عبر تصريحات الجبير ربما تأتي في إطار مزيد من الضغط على المملكة لتقديم تنازلات بشأن سوريا وأكبر ممكن من صفقات اقتصادية.
في ذات الوقت لم يعي الحوثيون أنهم أصبحوا ورقة مقايضة روسية أشبه بشغل أسواق النخاسة، كما كانت ولا تزال قد استفادت منهم إيران التي لم يستفيد الحوثي منها طيلة الحرب سوى علبة ماء وصلت لميناء الحديدة منتهية الصلاحية.
ليست روسيا وحدها من تبتز المملكة ودول الخليج ولكن حتى الأمم المتحدة تطلق تقرير حقوقي ضد التحالف عبر معلومات تلقوها من الحوثيين، وبعد أيام تقوم بالعدول عن التقرير بشكل مكشوف يوحي بمدى انتهازية هذه المنظمة ومن يقف على رأسها من الدول الغربية التي تصنف بالحلفاء الاستراتيجيين لدول الخليج والمملكة لكنهم أظهروا الجانب “النذل” لتحالفهم وحولوا الحوثيين، بعد سنة ونصف من الحرب، إلى ورقة للابتزاز.
يبدو الجو صار خاليا أمام روسيا، فأمريكا منشغله بانتخابات رئاسية وهو ما عكس حالة الجمود في سوريا واليمن، لذلك تحاول روسيا حالياً ايجاد خيط سياسي قانوني في اليمن تقبض عليه لإدارة المقايضة على سوريا.
المملكة تعتبر اليمن ضمن عمقها القومي والحديث عن مقايضة اليمن بسوريا أمر غير قابل للنقاش، بالنسبة لها، لذلك ترد روسيا بالتزامن مع أي تقدم للمقاومة في سوريا، كما حدث مؤخرا في حلب، في اليمن الأمر الذي أثر على موقفها في مجلس الأمن ضد الحوثي وصالح.
أياً تكن الصفقات التي تريدها روسيا من المملكة، سياسية، اقتصادية، نفوذ في المنطقة، إلاّ أنه وفي حال تمكُن روسيا من ربط الملف اليمني بالملف السوري، معناه إطالة أمد الحرب في اليمن على المدى القريب والمتوسط، وتحول الأمم المتحدة من وسيط للحل إلى منظمة لإدارة الصراع وإبقاء مدفعية المقاومة في نهم وكلاشن الحوثيين في الحدود.