آراء ومواقفغير مصنف

لماذا لا نشاهد برامج “ساخرة” على قناة المسيرة؟!

*محمد الرجوي

المثير للانتباه في هذا الموضوع هو كيفية تعاطي قناة المسيرة، الناطقة باسم جماعة الحوثي، مع هذا النوع من البرامج. فعلى الرغم من رواج البرامج الساخرة رواجاً كبيراً في أوقات الأزمات السياسية في اليمن، إلا أن القناة لم تعطِ أي اهتمام لهذه البرامج. على الرغم من تزايد أعدد البرامج الساخرة في الإعلام اليمني في فترة الخمس سنوات الأخيرة، وخاصة بعد فترة الحرية الإعلامية القصيرة، بين عامي 2012-2013، والتي حضي بها الإعلام اليمني كأحد مكاسب ثورة 11 فبراير، إلا أن هذا النوع من البرامج ما يزال يعيش مواجهات عنيفة مع الجمهور مابين الرفض والقبول، تتحول أحياناً إلى حرب كلامية على مواقع التواصل الاجتماعي؛ خاصة عند مهاجمة بعض الشخصيات، وغياب السقف الأخلاقي عند بعض البرامج الساخرة.
المثير للانتباه في هذا الموضوع هو كيفية تعاطي قناة المسيرة، الناطقة باسم جماعة الحوثي، مع هذا النوع من البرامج. فعلى الرغم من رواج البرامج الساخرة رواجاً كبيراً في أوقات الأزمات السياسية في اليمن، إلا أن القناة لم تعطِ أي اهتمام لهذه البرامج، فلم نشاهد أي برنامج ساخر يبث على القناة منذ بداية بثها بتاريخ 23 مارس/ آذار 2013 وحتى اليوم.
بينما في المقابل نجد كمية من البرامج الساخرة تبث على قنوات يمنية مختلفة، لعل آخرها ظهوراً هو برنامج “ولا نخس” على قناة بلقيس، وبرنامج “عاكس خط” الذي بث سابقاً على قناة سهيل ثم لاحقاً على قناة يمن شباب، فيعتبر أكثرها شهرة ورواجاً على الإطلاق. وما بينهما ظهرت برامج “بالصميل” و “مع الخبر” على قناة الساحات، وبرامج “حكم عقلك” و”على وين” على قناة سهيل.
لماذا البرامج الساخرة؟
الإعلامي محمد الربع يرى أن “البرامج الساخرة بشكل عام لها أسلوبها الخاص في جذب المشاهدين والمتابعين، بسبب ملامستها لحياة الناس اليومية، وعرضها لمشاكلهم بأسلوب مختلف؛ يمزج الألم بالضحكة، والمعلومة بالكوميديا، وهذا هو أهم عنصر جاذب لمشاهديها”.
أما عن مدى تأثير البرامج الساخرة على قناعات المواطن، فيرى الربع أنه “لايوجد معيار محدد لقياس تأثيرها في الناس، ولكنها تظل هي الأكثر مشاهدة، وإثارة للجدل، وأكثر انتشاراً. فهناك من يشاهدها للتسلية، ومن يتابعها للمعرفة، ومن يتابعها وهو يوافق أو يعارض لمحتوها”.
السخرية في مواجهة القداسة
أما الفنان الكوميدي، علي السعداني، فيرى أن البرامج الساخرة “تؤثر بشكل كبير جداً في تغيير قناعات الناس، وخاصة أفكار جماعة الحوثي، لأن هذا الجماعة تستخدم طريقة ايجاد “صنم” لايستطيع أحد الحديث معه أو مقابلته، ومن استطاع إلى ذلك سبيلاً، فهذه إكراميه له من الله، لذلك لا نجد لذلك الصنم أي مقابلة تلفزيونية عادية، وذلك بهدف خلق حالة من القداسة حول الحوثي. وعليه؛ فلن يكسر هذه القداسة سوى البرامج الساخرة”.
غالباً ما يكون الهدف الرئيسي من البرامج الساخرة هو محاولة ضرب عنصر الكاريزما والعظمة التي تحيط بالقيادات العليا في أي حزب أو جماعة أو دولة. “فالسخرية هي المادة الإعلامية الثرية لكسر الصنمية التي تتشكل في عقلية المواطن، لأن النقد يوجه للعمل الكبير، ولكن السخرية تركز على الشيء المبتذل الصادر من بعض الأشخاص، وبذلك يصبح ذلك الشخص محط سخرية الجميع” حسب مايراه السعداني.
لماذا لا تبث قناة المسيرة أي برامج ساخرة؟
يرى الربع أن “مثل هذه القنوات تعمل على نفس طائفي، وهذا مجال ضيق للإبداع وحرية الكلمة، فمن شعاره “الموت”، لايمكن أن تجد منه كوميديا ضاحكة، أو برامج تهتم بالحياة، بل لا يمكنك أن تجد برامج تهتم بالتعليم مثلاً أو السياحة أو الفن. فمثل هذه القنوات أُفتتحت كنافذة للإعلام الحربي، ولتغطية أخبار الحرب التي يشنونها على الآخرين، والتحريض ضد من يقف في طريقهم”.
أما السعداني فيصر على أن “قناة المسيرة مرتبطة بنفس منهجية صناعة الصنمية، فهي قناة “المسيرة القرآنية المقدسة”، وقناة “قائد المسيرة”، وقناة “أنصار الله”، لذلك يتحتم عليها ألا تقدم أي برنامج لا يدعم مثل هذه النظرية، وخاصة البرامج الساخرة التي تتعارض تماماً مع نظرية القداسة”.
تأخر ونقصان
“الإعلام اليمني، بشكل عام، ما يزال متأخراً عما وصل إليه الإعلام في العالم، وخاصة الإعلام الساخر”، حسب مايراه الربع. ويقول أيضاً إنه “تقريباً أول من اقتحم هذا المجال قبل عدة سنوات. ومازالت، حتى الآن، البرامج الساخرة محدودة، ونتمنى أن يتطور وينتشر هذا النوع من النقد الساخر والهادف، وليس سخرية لمجرد السخرية فقط”.
ويوافق السعدني الربع في “أننا لم نصنع شيء في الإعلام اليمني الساخر، حتى وإن ظهرت بعض البرامج هنا وهناك، فتظل ناقصة. فما يحدث في الساحة اليمنية يعتبر أكبر برنامج ساخر بحجم الوطن، ومع ذلك لم يصنع الإعلام أي شيء للتصدي لتلك المسخرة. فإذا أردنا تطوير الإعلام فيجب علينا ايجاد إعلام منافس بحجم الوطن أيضاً”.
إعلاميون لا إداريون
وفي الأخير: أضم صوتي لصوت السعداني الذي يرى “أننا لكي نطور الإعلام الساخر، فيجب علينا، أولاً، تطوير الإعلام اليمني بشكل كامل. وذلك من خلال تغيير الإدارات التي تدير القنوات الإعلامية اليوم، وذلك بسبب غياب الرؤية الإعلامية لدى أغلبهم؛ فهم – فقط – أساتذة في الإدارة، وليسوا ذو كفاءة إعلامية فنية. فنحن نحتاج إلى إدارة القنوات الفضائية بإعلاميين لا إداريين”.
*باحث إعلامي يمني.
 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى