سيول الأمطار تتسبب في رحلة تشريد جديدة للنازحين شمالي اليمن
أضافت سيول الأمطار الغزيرة التي هطلت على مخيمات النازحين في عبس الحدودية، شمالي حجة اليمنية، عبئاً جديداً على كاهلهم، وأجبرتهم على رحلة جديدة من النزوح خارج المخيم بحثاً عن أماكن أكثر أمناً. يمن مونيتور/ حجة/ خاص
غادرت مئات الأسر في حجة غربي اليمن مساكنها بعد اشتداد وتيرة المعارك بين الجيش الوطني والمقاومة الشعبية مسنودين بقوات التحالف العربي من جهة، ومسلحي الحوثي وقوات موالية للرئيس السابق من جهة أخرى، خصوصاً تلك التي تقع على الشريط الحدودي بين البلدين.
وجد النازحون أنفسهم في العراء بلا مأوى، فلجأوا إلى أماكن آمنة نسبياً وبعيدة عن مناطق الاشتباك، وسكنوا في مخيمات تفتقر إلى أدنى معايير السلامة ومقومات الحياة.
تكاد مظاهر الدولة تختفي تماماً في تلك المناطق التي تخضع لسيطرة جماعة الحوثي المسلحة، ويقتصر دور مؤسساتها على التحشيد للحرب الدائرة على الحدود.
لم تنته معاناتهم هنا، بل أضافت سيول الأمطار الغزيرة التي هطلت على مخيم المنجورة وقرية المحصام بمنطقة بني حسن التابعة لمديرية عبس الحدودية، شمالي حجة، عبئاً جديداً على كاهلهم، وأجبرتهم على رحلة جديدة من النزوح خارج المخيم بحثاً عن أماكن أكثر أمناً من أجل الحفاظ على أطفالهم وعائلاتهم، أما من تبقى منهم، فقد روى معاناته الطويلة مع الظروف القاسية التي عانوها أثناء سقوط الأمطار وتدفق السيول.
“أحمد حسين”، نازح من حرض، هو وأفراد أسرته يروي لـ”يمن مونيتور”، أنّ تلك الأمطار التي عادة ما تكون نعمة وخير على العباد جاءت في هذا العام لتكون كارثة علينا نحن النازحين في هذه الخيم والعشش، فلا ساتر يحمينا من وابلها الكثيف، ولا ما يقينا من البرد الذي ينخر عظام الأطفال.
ويضيف، بدأت الأمطار تهطل بغزارة وتفاجأنا بالسيول وهي تجري نحونا وتحاصر منزلنا المتواضع من جميع الجهات ونحن داخله؛ لم نستطع الهرب لأي مكان وسلمنا أمرنا لله وبدأت السيول تجرف كل شيء حولنا؛ ضممت أطفالي وزوجتي نحوي وأيقنت بالهلاك وبدأت المياه تجرفنا واستطاع أهل القرية انقاذنا، ولله الحمد”.
ويتابع، “الآن أنا مشرد مع أطفالي السبعة، نعيش في العراء بلا مأوى تهدد حياتنا الثعابين والعقارب والحشرات الضارة”.
كارثة أخرى حلت على النازحين الذين شُردوا من منازلهم في حرض وميدي على وقع المعارك هناك، والتي تسببت في تشريد أكثر من مائة ألف شخص، إذ يعيش أكثر من 80٪ من النازحين في بيوت من القش أو الخيم والبعض الآخر في العراء وتحت الأشجار أو في الوديان ومجرى السيول.
الأمطار الّتي لم تشهدها المنطقة منذ سنوات زادت من معاناة النازحين هنا وألحقت أضراراً بالغة بمساكنهم وممتلكاتهم بعد عام ونصف من النزوح عن ديارهم.
وما تزال أكثر من عشرة آلاف أسرة نازحة في هذه المخيمات مهدده بالموت كون منازلهم تقع في ممرات الوديان في موسم تكثر فيه الأمطار والعواصف.
نداءات استغاثة عاجلة أطلقها النازحون بعد أن غرقت خيامهم ومنازلهم من أجل نقلهم وإنقاذهم من الغرق، لافتين إلى أن “سيول الوديان نزلت فجأة نتيجة الأمطار الغزيرة في المناطق الجبلية والمديرية وأغرقت ودمرت منازلهم ومحتوياتها، وحولتها إلى ركام.
وشكل شباب القرى المجاورة فرق إنقاذ لنقل النازحين وإيوائهم وتقديم العون والمساعدات لهم في ظل الغياب الكامل للسلطات المحلية عن تقديم أي إغاثة عاجلة لهم.
وينذر الوضع في منطقة “بني حسن”، بمديرية عبس، بكارثة بيئية وصحية بسبب انتشار البعوض في مستنقعات، وانتشار أمراض خطيرة كالملاريا وحمى الضنك والبلهارسيا مما يهدد حياة آلاف الأطفال، ناهيك عن سوء التغذية بسبب النقص الحاد في الغذاء والدواء.
ناشطون حقوقيون في محافظة حجة دعوا السلطات المحلية والمنظمات الإغاثية إلى مواقف إنسانية جادة لمساعدة وإنقاذ الآلاف من النازحين من الغرق والموت أو التشرد جراء السيول بعد سقوط الأمطار الغزيرة على المنطقة، محمّلين السلطات المحلية مسؤولية الكوارث التي تتعرّض لها مخيمات النازحين.
وأشاروا في أحاديث متفرقة لـ”يمن مونيتور” إلى أن ما يحدث في مخيمات النازحين في منطقة بني حسن هو مأساة حقيقية.
ويفتقد آلاف النازحين من المناطق الحدودية بمحافظة حجة للخدمات ايوائية وغذائية، ويعانون من نقص حاد في الغذاء والدواء ومياه الشرب النظيفة، ورغم كل ذلك لم تتجاوب سوى بعض المنظمات المحلية والأجنبية وكل ما قدمته لا يمثل 10% من احتياجات النازحين.
ومنذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014، اجتاح مسلحو الحوثي وقات موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، العاصمة اليمنية صنعاء، وبدأوا بمد نفوذهم إلى مناطق أخرى غير أن الجيش الوطني والمقاومة الشعبية المواليان للحكومة استطاعوا دحرهم من عدة مناطق، بينما بقيت محافظات شمال الشمال (صنعاء، حجة، عمران، وصعدة) تحت قبضتهم، وتدور هناك أشرس المعارك.
واضطرت المئات من الأسر التي تقطن مناطق الحدود إلى النزوح من منازلها خشية التعرض للقصف المدفعي والصاروخي المتبادل بين الجانبين، وكذا قصف طيران التحالف لمواقع الحوثيين في الشريط الحدودي.