كتابات خاصة

عن الأقلية والتطهير العرقي بتعز

أحمد عثمان

عندما هجمت جماعة الحوثي وصالح على جبل صبر بمحافظة تعز، فجرت أكثر من خمس بيوت وقتلت في مشرعة وحدنان وحدها سبعين من أبناء القرية التي لقنتهم درسا في المقاومة. عندما هجمت جماعة الحوثي وصالح على جبل صبر بمحافظة تعز، فجرت أكثر من خمس بيوت وقتلت في مشرعة وحدنان وحدها سبعين من أبناء القرية التي لقنتهم درسا في المقاومة.
وخرجت الجماعة تجر أذيال الخيبة تاركة ورائها أكثر من مائة قتيل قدموا من خارج تعز، في المعركة ذاتها قتل من بيت الرميمة وهم من أهالي العزلة تقريباً خمسة إلى ستة أشخاص انخرطوا في الحرب مع جماعة الحوثي وقتلوا في الحرب كغيرهم من المحاربين وليس لأنهم من بيت الرميمة..
ولأن هناك رغبة واستراتيجية لتكريس العرقية، فقد رأينا حملة تبكي وتندب تطهير عرقي تعرضت له بيت الرميمة كعرق وأسرة تنتمي للسلالة الهاشمية.
وهذا كذب وظلم وتجني على تعز وبيت الرميمة ومستقبل الأجيال، فالجميع ومنهم صاحبي اللطيف عبد العزيز الرميمة الذي ذهب ضحية لهذه الموجة الهوجاء والتغرير القادم من صعدة، فَقَدَ اثنين من أولاده وهما يحاربان في صف الحوثي..
يدرك كما ندرك كذبة التطهير العرقي وحكاية الأقلية في تعز وفي مشرعة وحدنان، فأسرة الرميمة مثلها مثل باقي الأسر تعيش في نسيج متجانس، أهل وأنساب، فلا يوجد أكثرية وأقلية في تعز، ولا يوجد لهذه القضية رجل ولا راس في المحافظة المدنية الطابع.
يكفي أن نعرف أن أسرة الرميمة التي قالوا بانها تعرضت لتطهير عرقي من قبل مقاومة تعز، هي أصلاً أسرة مقاومة وجزء أصيل من مقاومة مشرعة وحدنان، وفي صف المقاومة أكثر منها في صف الحوثي، فأغلب الأسرة قاومت مع القرية ومنها قيادات في المقاومة، ومن يريد الحقيقة فكل شيء موجود في عزلة مشرعة وحدنان ينطق بالحق.
فعن أي أسرة تتحدثون وعن أي أقلية وأي تطهير عرقي تسوقون، بإمكانكم أن تتحدثوا عن أي شيء عدى حكاية الأقلية والتطهير العرقي بتعز، بل واليمن؛ فلا توجد أقلية في اليمن. والموجود صراع سياسي على الحكم نتج عن فشل اليمنيين بالخروج بصيغة مرضية للحكم وخرافات قادمة من عصور الظلام تزيد من تعقيد الأمر ونأمل أن يفضي هذا الصراع إلى حل واستقرار بعيداً عن عقد الأقليات والأكثرية العرقية التي يحاول البعض ترسيخها إمعاناً في تدمير الوطن ونسف المستقبل..
هم يسوقون ذلك بقصد إلى المجتمع الدولي لأهداف معروفة واستدرار الدعم الذي يهتم بالأقليات وكورقة احتياطية إذا فشل في الاحتفاظ بالحكم بالقوة الباطشة.
هذا العالم يفهم التطهير العرقي لأقلية ما بأنه قتل وذبح بالهوية.. يعني أنت رميمة رجل أو امرأة؛ صغير أم كبير، شيخ.. طفل.. رضيع.. يذبح ويتابع في الأزقة وغرف النوم وينزع من حضن امه على أساس عرقي.. يا لطيف! لماذا تقسون هكذا على تعز واليمن وتقدموها للعالم على هذا الشكل؟!
إن هذا الترويج للأقليات والتطهير العرقي أخطر من القتل والدمار الجاري وأقسى.
هذا الجرم تم ويتم بصورة أكثر خبث وبصورة ممنهجة مع ما جرى في قرية الصراري بصبر، فالحديث عن تطهير عرقي لأقلية في تعز هي بيت الجنيد غطى الفضاء الإعلامي واشترك فيه إعلام وقنوات وتواصل اجتماعي في الداخل والخارج وتفرغت أجهزة إعلام الجماعة وإعلام حلفائها في إيران والعراق ولبنان لتقدم للعالم التطهير العرقي لأقلية تتبع الحوثي فى تعز وقدمت صور مقززة تجاوزت تفجير المنازل إلى الحديث عن إعدام يجري في القرية لأكثر من 50 أسيراً، ونقل البعض صور مذبوحة من أماكن أخرى، قيل إنها لبعض الأسرى وأخذو يشقون الصدور ويطالبون العالم  بضرورة التدخل لحماية الأقلية من وحشية أبناء تعز والتطهير العرقي.
الله لا وفقكم ولا لحقكم خير.. تطهير عرقي بتعز؟!
لقد سيطرت المقاومة لضرورة أمنية رأتها على القرية خاصة وهي مكدسة بالسلاح الثقيل والمتوسط تماماً، كما سيطرت على أي موقع في الجحملية أو بير باشا، وكما سيطرت جماعة الحوثي على الحوبان والوازعية في هذه الحرب، لكن الفرق هنا وجود العامل العرقي الذي يثار ويرسخ كاستراتيجية عند الحوثي بلغت هذه الرغبة مداها عندما رأينا عبدالملك الحوثي يخطب للشعب اليمني في القرن الواحد والعشرين موكدا أن هذه الحرب هي حرب مع بني امية!!
ومع كل هذا الشحن العرقي والطائفي والحديث المفزع عن تطهير عرقي وإبادة تعرضت لها قرية الصراري، لك أن تتصور كم عدد القتلى من القرية نتيجة لدخول المقاومة، والذي جعلهم يصرخون للعالم عن تطهير عرقي.. قد لا تصدق بإنه  لا يوجد ولا قتيل واحد.. نعم لم يقتل أحد في عملية السيطرة على القرية ربما قتل ثلاثة أو أربعة من الطرفين في المناوشات التي سبقت السيطرة على القرية، وهناك جرحى قامت المقاومة بإسعافهم إلى المستشفى، ولم تفجر بيتاً رغم أن الحوثيين قد فجروا بيوتاً كثيرة بصبر.
يزعقون بكل هذا ويصرخون.. ويذهبون بنفس اليوم لتفجير بيتين تقع تحت سيطرتهم في الجحملية، المنزلان لمواطنين من صبر، ويستمروا بحرق المدينة بالصواريخ والحصار الخانق ويدمروا قرى الوازعية والقبيطة وحيفان ويحرقان أسيران بعد مقتلهما في حمير، ويتسببان في نزوح الأسر ومآسي عمرها سنة ونصف، ويدعون العالم للتدخل ضد عملية تطهير عرقي لأقلية في تعز كذبا وزورا.
أنا هنا لا أبرر للحرب، فالحرب قذرة ومدمرة وكل الدماء يمنية لكنني أتحدث عن التسويق لفكرة الأقلية والتطهير العرقي في تعز وهي جناية بحق الجميع وفي المقدمة “بيت الجنيد”، الذي لم يحاربهم أحد كونهم بيت الجنيد وليسوا كل بيت الجنيد مع الحوثي وبعضهم منخرطين في المقاومة وقيادتها بتعز..
ويكفي أن الاب الروحي والمهندس الثقافي لمقاومة تعز هو الدكتور عبد القادر الجنيد الذي خطفوه ستة أشهر دون اعتبار لسنه ومكانته في المجتمع ولأنه فقط رفع راية المقاومة بتعز، محذراً بالكلمة من كارثة القادم من كهوف الماضي على الحياة والحرية والمستقبل.
الحقيقة أن حكاية الأقلية العرقية والتطهير العرقي ليس أمراً عابراً بل خطة احتياطية لجماعة الحوثي، يكشفها تصريح الناطق الرسمي للجماعة والذي رفض قبل أيام انسحاب مليشياته من المدن قائلاً: إن الانسحاب من المدن بمثابة تطهير عرقي.. هكذا يفهمون انسحاب المليشيات من المدن؛ يعني يا حكمك بالقوة وأكون أنا الشعب والأمة والدين والقرآن الناطق، وإلا أنا حاجة وأنتم حاجة.. أنا عرق وأنتم عرق.. يا شعبي العزيز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى