الحرب والغلاء والجفاف… أزمات تحرم اليمنيين فرحة استقبال رمضان
يمن مونيتور/ من سامي صالح
يقف المواطن محمد صالح أمام بيته في محافظة حجة، مستغرقا في التفكير حول متى يرسل ابنه المغترب المال لتوفير أساسيات شهر رمضان.
يقول صالح، 60عاماً “لدي أبناء واحد في السعودية وآخر في صنعاء، وكل يوم أراقب الهاتف منتظرا رسالة أو أتصال من أحدهم يبشرني بأنه حول مبلغ من المال، ندخره فقط لشراء الدقيق، وتوفير بعض الاحتياجات الأساسية”.
يواصل صالح “كنا قبل 2014 مستورين الحال، وما إن اندلع الصراع حتى توقفت الأعمال وانقلبت حياتنا رأسا على عقب”.
ويأمل الرجل المسن أن ترجع البلاد إلى سابق عهدها ويرى الأسواق مكتظة بالناس، ويستمع الروحانيات تعم المكان وترتفع أصوات منابر المساجد بالذكر، والأطفال يرددون أناشيد رمضان.
ويفيد أنه يتمنى من التجار والجهات المختصة عدم استغلال شهر رمضان لرفع الأسعار على المواطن الذي أصبح في حالة يرثى لها بسبب الحرب وتقلبات المناخ.
وتشهد اليمن أزمة إنسانية خانقة بسبب الحرب العنيفة التي تشهدها منذ عشر سنوات، ولكن ما قد يكون غير معروف للكثيرين هو تأثير الحرب على المناخ والبيئة في اليمن.
وتعاني البلاد منذُ سنوات من تغيرات مناخية جذرية وتحديدًا في فصل الصيف، الموسم الذي يتزامن مع شهر رمضان الذي يعتبر من المواسم الحاسمة في حياة اليمنيين.
ويأتي رمضان هذ العام في ظل أزمة معيشية واقتصادية حادة تهدد بتفاقمها هجمات الحوثيين على سفن التجارة الدولية، وانقطاع بعض المساعدات التي كانت تقدمها الجمعيات غير الحكومية الى المحتاجين وذلك بسبب تضاؤل حجم المساعدات الدولية للبلاد.
تأخر موسم المطر
ويشكو مواطنون في مناطق ريفية عدة من أن شهر رمضان يقترب أكثر وهم ينتظرون هطول الأمطار لكي يجنوا محاصيلهم الزراعية ويساعدهم بيعها في الأسواق في شراء احتياجات شهر الخير.
يقول المواطن علي مفرح 57 عاماً، في تصريحات ليمن مونيتور، إنه لن يتمكن من شراء احتياجات أسرته الأساسية لشهر رمضان هذا العام بسبب انخفاض كمية الأمطار.
ويضيف: كنا في السنوات الماضية نستقبل رمضان ومزارعنا خضراء وقد أدخرنا من محاصيلها ما نستطيع أن نشترى به احتياجات رمصان، لكن في السنوات الأخيرة، انخفضت كمية الأمطار بشكل كبير وأصبحت غير منتظمة.
وتابع: أن الزراعة لم تعد مصدر رئيسي للعيش في البلاد، ومع انخفاض كمية الأمطار، أصبح حتى الحصول على الماء النقي أمرًا صعبًا.
جشع التجار
ومع قدوم هذا الشهر المبارك، تزيد معاناة الناس في كافة محافظات البلاد نتيجة لارتفاع سعر الصرف وغلاء المواد الغذائية.
يقول الخبير الاقتصادي وفيق الشرعبي: في الحقيقة ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية أصبح عادة سنوية تستبق قدوم شهر رمضان المبارك.
وأضاف في تصريح لـ “يمن مونيتور”، أن الأسواق تشهد قفزة كبيرة في أسعار مختلف أنواع السلع نتيجة الإقبال المتزايد من قبل المواطنين على توفير احتياجات الشهر الكريم، وهو ما يدفع التجار إلى استغلال هذا الإقبال على رفع أسعار السلع والمواد الغذائية لتعويض الركود الذي يطال مختلف القطاعات التجارية طوال بقية شهور السنة.
وأكد أنه في الوقت الراهن هناك ارتفاع باهظ في الأسعار، مدفوعاً بعدة عوامل منها انهيار قيمة العملة الوطنية، وغياب الرقابة الحكومية على الأسواق، إضافة إلى ارتفاع تكلفة فاتورة الاستيراد مع زيادة تكلفة النقل البحري وارتفاع أقساط التأمين على الواردات.
وتابع: قبل هذا كله هناك جبايات متزايدة تفرضها مليشيا الحوثي على التجار بشكل غير قانوني تؤدي في النهاية إلى ارتفاع تكلفة السلعة في السوق المحلية ومضاعفة الأعباء المعيشية على المواطن، الذي يدفع الثمن وحيدا في ظل تصاعد الأزمة الاقتصادية بالبلد وعدم مبالاة مليشيا الحوثي بما يعانيه بقية أفراد الشعب.
ويذهب الشرعبي إلى أن قطاع النقل الداخلي هو الآخر يواجه العديد من الإشكاليات والمعوقات التي تمنع عملية التبادل التجاري المحلي بسلاسة، فضلاً عن إغلاق الطرق والمنافذ الرئيسية وانتشار النقاط الأمنية وفرض الاتاوات والجبايات المالية بالقوة.
وبين أن هذه الإشكاليات تضاعف معاناة المواطنين وتؤدي إلى ارتفاع تكلفة الأسعار والخدمات، علاوة على ما تسببه من تراجع حاد في الجانب التنموي والخدمي في مختلف المناطق اليمنية.
هجمات البحر الأحمر تهدد بأزمة غذائية في رمضان
ويخشى مراقبون وتقارير أممية من أزمة غذائية تهدد أسواق البلاد خاصة مع اقتراب شهر رمضان الذي يشهد اقبال كبير من المواطنين على شراء السلع الغذائية.
ويقول تحليل نشرته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة الفاوإنه على الرغم من التصعيد الذي بدأ في نوفمبر/تشرين الثاني، فإن التحليل حتى يناير/كانون الثاني 2024 يظهر أن هناك زيادة في واردات الوقود والقمح والمواد الغذائية الأخرى.
وأضاف: وبما أن اليمن يعتمد بشكل كبير على الواردات لتلبية احتياجاته الغذائية، حيث يتم استيراد حوالي 90 بالمائة من الحبوب الأساسية، فإننا نتوقع أن تؤدي الأزمة الحالية إلى تعطيل أو عرقلة حركة البضائع، مما يؤدي إلى نقص الغذاء في الأسواق على الأقل في المدى القصير، المدة (من مارس / أبريل).
وأفاد أن استقرار أسعار الغذاء والوقود: تماشياً مع استقرار أسعار الغذاء والوقود العالمية، استقرت الأسعار المقابلة في اليمن في يناير 2024 مقارنة بشهر ديسمبر 2023. إلا أنه من غير المرجح أن يستمر هذا الوضع في المستقبل المنظور.
وأضاف: إذا استمرت الأزمة، فسوف يؤدي ذلك إلى تسريع تكاليف الشحن المتزايدة بالفعل، مما قد يؤدي إلى مزيد من التأخير في التسليم، أو حتى إلى التعليق الكامل لطرق التجارة وإغلاق الموانئ اليمنية.
ويرى: يمكن أن يؤدي هذا الاضطراب إلى ندرة الإمدادات الغذائية وارتفاع الأسعار لاحقًا. ونتيجة لذلك، فإن السكان الضعفاء، بما في ذلك الفقراء والنازحين داخليا، سوف يكافحون من أجل شراء المواد الغذائية الأساسية.
وأكد أنه بشكل عام، من المرجح أن يؤدي تصاعد الأزمة في البحر الأحمر إلى تفاقم حالة انعدام الأمن الغذائي في اليمن في عام 2024، مما سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الأليمة بالفعل. إن الجهود الفورية لتهدئة التوترات وتسهيل التدفق المستمر للإمدادات الغذائية التجارية والإنسانية أمر ضروري للتخفيف من التأثير السلبي المتوقع على اليمنيين.