دفعت اليمن بسبب نظام الإمامة الثيوقراطي ثمناً باهضاً من استقرارها وحضارتها، نتيجة لشرعنة القوة، واستخدام السيف، وتجييش وتعبئة المناطق ضد بعضها البعض، وزرع الشك والارتياب فيما بينها، من أجل الوصول إلى السلطة، معززاً الانقسامات والشروخ الاجتماعية بين جموع اليمنيين. دفعت اليمن بسبب نظام الإمامة الثيوقراطي ثمناً باهضاً من استقرارها وحضارتها، نتيجة لشرعنة القوة، واستخدام السيف، وتجييش وتعبئة المناطق ضد بعضها البعض، وزرع الشك والارتياب فيما بينها، من أجل الوصول إلى السلطة، معززاً الانقسامات والشروخ الاجتماعية بين جموع اليمنيين.
وهذا الأمر حرم السكان من استثمار موارد أرضهم، واستغلالها في تشييد صروح الاستقرار، وجعل اليمنيين في حالة من القلق النفسي والتوتر المجتمعي التي لا يستقيم معها تعمير ولا بناء.
يقول الدكتور أحمد قائد الصايدي في رسالته للدكتوراه (لم تشهد اليمن استقراراً خلال التاريخ الطويل للإمامة، التي انحصرت مهامها -كما يستقى من كتب الزيدية أنفسهم- في إقامة الحدود الشرعية وقبض الواجبات. وباستثناء بناء المساجد، فإن مهام الإنشاء والتعمير لم تكن واردة ضمن مهام الدولة الزيدية؛ بل قد يقدم إمام على قطع الأعناب والزرع في منطقة، بحجة أن أهلها لم يقيموا صلاة الجماعة).
ويرجع السبب في عدم الاستقرار في اليمن كما يؤكد ذلك تاريخ الإمامة، وكما تناوله العديد من الدارسين إلى الأسس التي تقوم عليها الإمامة (فالنظرية الزيدية كانت في حد ذاتها سببا مولدا لصراعات دائمة، حين أعطت المشروعية لكل فاطمي تتوفر فيه شروط الإمامة أن يخرج داعيا لنفسه، وحين أجازت خروج أكثر من إمام في منطقتين مختلفتين.)
وهذا الأمر جعل من كل قبيلة كما يقول البردوني أن تصنع إمامها بنفسها، بل وتصبح الإمامة مجرد مسوغ شرعي لتبرير الصراعات واعادة انتاجها.
ومن هنا فإن إعادة الاعتراف للحوثي الخارج من رحم الإمامة الزيدية بخصوصية دينية، ودور سياسي على قاعدة مذهبية إنما هو إعادة لصياغة المبرر للصراعات والاقتتال المتواصل بين المناطق اليمنية، ويجب الانتباه إلى أن الصراع القائم في هذه اللحظة يحجب عنا مواطن القوة الحقيقية في أعالي اليمن، والذي يتمثل في القبيلة والقوى الاجتماعية.
فالحوثي ومن قبله الأئمة لم يتمكنوا من نسج تحالفات طويلة الأمد وذلك عائد إلى الطبيعة الذاتية للنظرية الهادوية في الحكم، التي تقوم على الاستفراد بالحكم، والاستئثار بالسلطة، الأمر الذي ظل طوال القرون الماضية يدفع القبائل للتمرد على هذا الإمام أو ذاك، وازاحته ووضع آخر في مكانه.
إن الاعتراف للحوثي بأي مشروعية سيكون اعلانا بتفجير الصراعات في مناطق اليمن الأعلى وبين كل قبيلة على حده، ثم تفجيره مع بقية المناطق الأخرى.
——–
*هوامش: حركة المعارضة في اليمن ص27-28