كتابات خاصة

معركة الرئيس الشخصية

ياسين التميمي

ذهب الرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه الفريق الركن علي محسن الأحمر إلى مأرب، وأحدثا بهذه الزيارة موجة من التوقعات بشأن مستقبل اليمن خلال الأيام القليلة الماضية.. ذهب الرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه الفريق الركن علي محسن الأحمر إلى مأرب، وأحدثا بهذه الزيارة موجة من التوقعات بشأن مستقبل اليمن خلال الأيام القليلة الماضية..
المعركة هي الأقرب اليوم منها إلى الحل بالأدوات السياسية، وكل المؤشرات تدل على ذلك، ومن بينها زيارة الحرب التي قام بها الرئيس ونائبه إلى مأرب.. لكن لا يبدو أن هذه الزيارة تدشن الحرب، بل توحي بهذا الخيار بشكل قوي جداً.
ولهذا يمكن اعتبار أن هذه الزيارة  شكل من أشكال التعبير عن الرفض للضغوط التي تمارس من بعض الأطراف الدولية التي تدفع الأمم المتحدة على ما يبدو إلى المضي في عرض خارطة الطريق الملزمة على طرفي المشاورات اليمنية في الكويت، وهي الخارطة التي تطيح سياسياً بالرئيس وحكومته وبالمرجعيات الأساسية للتسوية السياسية، وتدشن خطاً جديداً ومساراً جديداً لعمية سلام، كشفت الخطة عن أن مرجعيتها السياسية العليا هي حكومة يشارك فيها الانقلابيون  بل يهيمنون عليها.
الحل عبر الحوار مع الانقلابيين هو آخر الخيارات التي يمكن أن تفضلها الحكومة، وكذلك التحالف وخصوصاً المملكة العربية السعودية، وبالقدر نفسه لا يرى الانقلابيون الحل السياسي مثالياً إذا لم يُبق على المكاسب التي أحرزوها عبر الحرب الأهلية واسعة النطاق التي أشعلوها منذ أوائل العام 2014.
ولهذا جاءت زيارة الرئيس في سياق التحشيد العسكري الواسع الذي يتم حالياً في مأرب، وهي الجبهة الأكثر حساسية في إطار معركة الحسم واستعادة الدولة، حيث تمثل مأرب القاعدة الخلفية لمعركة صنعاء.
حرص الرئيس على أن يبرز في كلمته التقاطعات الحادة للمشاريع الإقليمية في اليمن، وركز بشكل خاص على الدور الإيراني، في محاولة على ما يبدو لإظهار أن التحديات التي تواجه بلاده لا تعني السلطة الشرعية فقط وإنما تعني بالقدر نفسه، دول مجلس التعاون والتحالف العربي، وتوجه التحديات الاستراتيجية الخطيرة ذاتها صوب الإقليم برمته.
هذا بالتأكيد نقطة جوهرية تتصل بتماسك التحالف العربي تجاه معركة الحسم في اليمن، بعد أن ذهب بعض أطراف التحالف بعيداً في تقديره للأولويات، حيث باتت المعركة مع الإرهاب بالمعايير الأمريكية، وفقاً لهذه الألويات، محور الاهتمام وبها من خلالها تتحدد أيضاً طبيعة المواقف مع الأطراف السياسية في اليمن.
معركة استعادة صنعاء هي معركة شخصية أيضاً بالنسبة للرئيس هادي، فهو إن بقي متردداً ولم يبذل الجهد الكافي مع التحالف لخوضها فإن البديل سيكون تسوية سياسية تطيح به، وبسياساته، وتخلق واقعاً جديداً ربما لن يكون بوسعه القيام حتى بزيارة مأرب وعدن.
كاد اليمن يقع فريسة “اتفاق سلم وشراكة جديد”، جرى طبخه في الأروقة الخلفية للقاعة التي انعقدت فيها مشاورات الكويت، عبر الدبلوماسيين الغربيين، الذين فرضوا على المبعوث الأممي تلك الصيغة من خارطة الطريق، وكان يُراد لهذه الصيغة أن تحظى بقبول الطرف الحكومي، في وقت تم الإيعاز للانقلابيين بإظهار الرفض لهذه الخارطة من أجل تخفيف العبء الأخلاقي على الذين صاغوا التصور الأممي وأرادوا فرضه واستهداف الحكومة الشرعية من خلاله.
فهل تستطيع الحكومة أن تفسد خطة بهذا القدر من الخطورة، قد تستطيع إذا حظيت بدعم التحالف وتوفر إحساس مشترك بالخطر المحدق باليمن والمنطقة والكامن في ثنايا خارطة الطريق الأممية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى