(وكالة).. اقتصاد مصر يتلقى “ضربة جديدة موجعة” بسبب هجمات الحوثيين
يمن مونيتور/ (رويترز)
قالت وكالة “رويترز” إن اقتصاد مصر المتدهور بالفعل تلقى ضربة جديدة موجعة نتيجة التراجع الحاد في الإيرادات، بعد الهجمات التي شنها الحوثيون باليمن على سفن الشحن، حيث تسبب ذلك في تحويل الملاحة التجارية بعيدا عن قناة السويس، لتزداد معها الحاجة الملحة في القاهرة إلى إجراءات إصلاحات، مدعومة بمساعدات من الخارج.
ووفقاً للوكالة، باتت الآن كل المصادر الرئيسية للعملة الأجنبية تقريبا، وهي صادرات الغاز الطبيعي والسياحة وتحويلات العاملين في الخارج ومؤخرا قناة السويس، تحت ضغط شديد.
وقالت “رويترز” إن مصر تحتاج إلى العملة الأجنبية ليس فقط لاستيراد السلع الأساسية، ولكن أيضا لسداد 189.7 مليار دولار من الديون الخارجية، تراكم معظمها في السنوات العشر الماضية.
ومن المقرر سداد ما لا يقل عن 42.26 مليار دولار من الديون هذا العام، على الرغم من توقع محللين إرجاء سداد بعض هذه المبالغ إلى فترات لاحقة.
وقال جيمس سوانستون من شركة “كابيتال إيكونوميكس” للأبحاث “مع أخذ كل هذا في الاعتبار، تقترب أزمة مصر فيما يبدو من مفترق طرق”.
وقال رئيس هيئة قناة السويس الأسبوع الماضي إن عائدات القناة انخفضت 40% في أول 11 يوما من يناير/كانون الثاني.
قناة السويس وإيرادات قياسية
وفي السنة المالية المنتهية في 30 يونيو/حزيران، حققت قناة السويس إيرادات قياسية لمصر بلغت 8.76 مليار دولار، وفي الربع الثالث أضافت 2.40 مليار دولار أخرى.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة ميرسك للشحن أمس الأربعاء إنه يتوقع استمرار تعطل الشحن الناجم عن الهجمات على السفن بضعة أشهر على الأقل.
وأصدرت شركة ميرسك وغيرها من شركات الشحن الكبيرة تعليمات لمئات السفن التجارية بالابتعاد عن البحر الأحمر، وحولت سفنها إلى الطريق الأطول حول أفريقيا.
وقال آلن سانديب من شركة نعيم للسمسرة “إذا استمر انخفاض إيرادات قناة السويس فقد يمثل هذا ضربة شديدة. إنها انتكاسة كبيرة لأنها مصدر مباشر لإيرادات النقد الأجنبي للحكومة”.
قناة السويس وشحنات القمح
وقالت منظمة التجارة العالمية اليوم الخميس على منصة التواصل الاجتماعي إكس إن شحنات القمح عبر قناة السويس انخفضت بنحو 40% في النصف الأول من يناير/كانون الثاني، إلى 0.5 مليون طن بسبب الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن.
وذكرت المنظمة أن البيانات استندت إلى تقرير توضيحي طوره بشكل مشترك المجلس الدولي للحبوب ومنظمة التجارة العالمية.
وعبرت مصادر ملاحية في وقت سابق هذا الأسبوع عن توقعاتها بتحويل مسار بعض شحنات الحبوب، إلا أن المؤشرات تشير إلى أن معظمها سيستمر في المجازفة بالمرور عبر قناة السويس، كونها تعد أقصر طريق ملاحي بين أوروبا وآسيا.
وقالت منظمة التجارة العالمية إن 8% تقريبا من شحنات القمح من الاتحاد الأوروبي وروسيا وأوكرانيا، التي كانت تمر عادة عبر قناة السويس، اتخذت طرقا بديلة في ديسمبر/كانون الأول.
وأوضحت أن هذه النسبة ارتفعت إلى نحو 42% في النصف الأول من يناير/كانون الثاني. وأضافت أن نصيب الطرق البديلة كان حوالي 3% فقط في المتوسط قبل الهجمات.
انخفاض تحويلات العاملين بالخارج
ولا تزال مصادر العائدات الأخرى، مثل تحويلات العاملين في الخارج التي تذهب في الأساس إلى أفراد، تساهم في تحسين وضع مصر من النقد الأجنبي، وإن لم يكن الحكومة مباشرة.
وهوت التحويلات 9.85 مليار دولار في السنة المالية التي انتهت في 30 يونيو/حزيران، ثم انخفضت 1.93 مليار دولار أخرى في الفترة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول، وفقا لأرقام البنك المركزي.
ويتردد المصريون في الخارج في إرسال مدخراتهم المالية إلى بلادهم عندما يكون سعر العملة منخفضا بفارق كبير عن قيمتها في السوق السوداء وذلك مع استشراء التضخم.
وتراجع سعر صرف الجنيه في السوق السوداء إلى نحو 57 جنيها للدولار، من 39 قبل اندلاع أزمة غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وفقاً لما ذكرته رويترز. وظل السعر الرسمي ثابتا عند 30.85 جنيها للدولار منذ مارس/آذار.
وبلغ معدل التضخم 33.7% في ديسمبر/كانون الأول، وسجل مستويات قياسية منذ يونيو/حزيران.
وتراجعت صادرات الغاز الطبيعي ملياري دولار على أساس سنوي في الفترة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول، وفقا لبيانات البنك المركزي، وذلك نتيجة انخفاض الإنتاج المحلي وانخفاض الأسعار العالمية. وبلغت قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعي في السنة المالية 2022-2023 زهاء 7.20 مليار دولار.
وتباطأت السياحة التي حققت رقما قياسيا بلغ 13.63 مليار دولار في السنة المالية 2022-2023، ثم 4.45 مليار دولار في الفترة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول، منذ اندلاع أزمة غزة. ولم تنشر الحكومة أرقام العائدات للفترة بعد سبتمبر/أيلول.
مشكلات عجز الموازنة
وفي إجراء لتمويل عجز الموازنة على ما يبدو، لجأ البنك المركزي إلى طبع المزيد من النقود. وقفز المعروض النقدي (ن1) 37.7% في اثني عشر شهرا حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني.
وقال بيتر دو بريز من “أكسفورد إيكونوميكس” لتحليل الأسواق “الارتفاع الحاد في المعروض النقدي، واحتمال إجراء تخفيضات أخرى في قيمة العملة هذا العام، سيؤديان إلى تباطؤ حاد في وتيرة تراجع التضخم، مما يعني أن الضغوط التضخمية ستظل مرتفعة هذا العام”.
ويعتقد عدد من المحللين أن مصر كانت تنتظر حتى ما بعد الانتخابات الرئاسية في منتصف ديسمبر/كانون الأول لخفض قيمة العملة وإجراء إصلاحات مؤلمة أخرى ضرورية لحمل الاقتصاد على المسار الصحيح. وكما كان متوقعا، فاز الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي لم يواجه معارضة تذكر بنحو 90% من الأصوات.
وقال سوانستون من “كاببتال ايكونوميكس” إنه “إذا لم يتحرك الجنيه قريبا، سيظل المستثمرون عازفين على الأرجح عن الاستثمار في الاقتصاد المصري، مخافة انخفاض حاد في قيمة العملة في المستقبل، بدلا من تناول الدواء المؤلم إلى حد ما الآن”.