لا يختلف يمنيان على أن البرنامج الساخر “عاكس خط” يتربع على قائمة البرامج الرمضانية السياسية الساخرة لهذا العام، وخاصة بعد عودة مقدم البرنامج، محمد الربع، إلى الشاشه بعد غياب دام ثلاثة أعوام. لا يختلف يمنيان على أن البرنامج الساخر “عاكس خط” يتربع على قائمة البرامج الرمضانية السياسية الساخرة لهذا العام، وخاصة بعد عودة مقدم البرنامج، محمد الربع، إلى الشاشه بعد غياب دام ثلاثة أعوام.
وبالرغم من الزخم الإعلامي والترحيب الجماهيري الذي حظي به هذا البرنامج، حتى عند “الإنقلابيين”، إلا أنني في هذا المقال سأحاول أن أقدم نظرة نقدية للبرنامج بغرض المساهمة في تحسين وتطوير الأداء الإعلامي اليمني بشكل عام.
عمائم استثمارية
في رأيي، تعتبر الحلقة التاسعة التي حملت اسم “عمائم استثمارية” هي أولى الحلقات التي بدأ فيها البرنامج في الخروج عن إطار السخرية السياسية والدخول في خانة الطائفية. حيث حاولت الحلقه تذكير المشاهد بالروابط الفكرية بين الشيعة الايرانية وجماعة الحوثي، وهذه حقيقة لا تخفى على أحد، ولكن نلاحظ احتواء الحلقة على عدد من مقاطع الفيديو لبعض المراجع الشيعية في العراق وليس اليمن.
وهذا الأمر قد يدفع المشاهد اليمني إلى التشكيك في وجود مثل هذه الفتاوى و الخرافات الدينية عند الحوثيين كونها لم تأتي من قبل أحد الرموز الدينية للحركة الحوثية. لذلك كان على فريق الإعداد التركيز بشكل أكبر على خطب وتصريحات الرموز الحوثية، أو التركيز على موضوع “المجهود الحربي” لإبراز المشاريع الدينية الاستثمارية لهذه الجماعة، خاصة في وجود العديد من الشواهد على ذلك في إعلام الحوثي نفسه.
ناطق ماشافش حاجة
ركزت هذه الحلقه على الأداء المخجل للناطق العسكري الرسمي للانقلاب الحوثي مقارنة بالمنصب الذي يتولاه، وخاصة التصريحات النارية الغير واقعية، التي تبرز الجهل العسكري العميق لدى هذا الشخص. ولكن مالم تتطرق له الحلقة، لأسباب نعرفها جميعا، هو أداء الناطق العسكري للتحالف العربي. حيث سمعنا كثيراً ما يردد الناطق العسكري للتحالف عبارات مثل “الحوثي في الرمق الأخير” و “لم يبقى إلا القليل” و”عملية تحرير تعز ستكون عملية فريدة” وغيرها من التصريحات التي لم نرى لها أثر على الواقع.
كما تحدثت الحقلة عن “حرب الفوتوشوب”، وهذه من النقاط المهمة في الحرب الإعلامية ضد الحوثيين. ولكن هذه النقطة لم تلق حقها من الإبراز للمشاهد العادي، لأنه تم إدراجها كجزء بسيط ضمن حلقة آخرى. فمن المفترض أن يكون هناك المزيد من التوضيح لأساليب التضليل و الفبركة الإعلامية التي ينتهجها الحوثي من خلال “الإعلام الحربي” الذي أفرد له الحوثيين مساحة واسعة جداً في إعلامهم. فالمشاهد العادي لا يملك العلم والأدوات التي تمكنه من التحقق من صحة ما ينشره الحوثيين، لذلك كان لزاماً على إعلام الشرعية التركيز بشكل أكبر على هذه المغالطات وتوضيحها للعامة.
المقشوشين
أعلن مقدم البرنامج، محمد الربع، أن الحلقة 20 هي آخر حلقات البرنامج، ومن مؤشر على أن القناة الراعية للبرنامج لم تتمكن من انتاج حلقات تغطي الوقت المحدد للبرنامج طيلة أيام شهر رمضان، بل كانت تقوم بإعادة بعض الحلقات بسبب مشاكل الانترنت وعدم تمكن القناة من رفع الحلقات لجهات البث، حسب ماذكره محمد الربع على صفحته على الفيس بوك. ولكن هذا العذر لا يشفع للقناة أن تقع في مثل هذا الخطأ الإعلامي، خاصة وأن من أبسط القواعد الإعلامية “ألا تغيب عن الجمهور خشية أن تفقده”.
وبالإضافة إلى ذلك، لوحظ من خلال تعليقات المتابعين للبرنامج على شبكات التواصل الإجتماعي أن القناة لم توضح للجمهور أسباب التأخير وتكرار عرض بعض الحلقات، خاصة للجمهور المتابع لها عبر شاشة التلفاز. فالقناة وطاقم البرنامج كانوا على علم أن الإنتاج التلفزيوني في مثل هذه الظروف الاستئنائية سيواجه العديد من الصعاب والعقبات التي كان من المفترض الاستعداد لها باشكل استثنائي أيضاً، فالجمهور قد يتعاطف في البداية مع البرنامج، ولكن توقف البرنامج عند هذا الحد يضيف نقطة سلبية أخرى لأداء القنوات المؤيدة للشرعية.
وفي الأخير: كل النقاط السابقة لا تقلل من نجاح البرنامج، بل هي دليل على قدرة البرنامج على جذب اهتمام النقاد والمتابعين لأداء الإعلام اليمني وخاصة الساخر منه. كما أقترح في ختام هذا المقال ألا يغيب محمد الربع عن المشاهد، وخاصة خلال الفترة القادمة، لما له من تأثير واضح على شريحة كبيرة من الشعب اليمني الذي مازال في حاجة إلى مثل هذه البرامج الترفيهية التثقيفية الهامة.
———–
*باحث إعلامي يمني