الحوثيون يترنحون ماليا.. فهل نضبت مواردهم؟ (تقرير)
بين الفينة والأخرى تتجلى ملامح ضائقة مالية تعاني منها جماعة الحوثيين المسلحة في اليمن، تكشفها ممارسات عملية تنفذها الجماعة للبحث عن مصادر مالية جديدة، وسرعان ما تتجاوز الجماعة هذه الضائقة المالية بشكل مؤقت عبر عمليات نهب وسطو لأموال عامة وخاصة.
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص/
بين الفينة والأخرى تتجلى ملامح ضائقة مالية تعاني منها جماعة الحوثيين المسلحة في اليمن، تكشفها ممارسات عملية تنفذها الجماعة للبحث عن مصادر مالية جديدة، وسرعان ما تتجاوز الجماعة هذه الضائقة المالية بشكل مؤقت عبر عمليات نهب وسطو لأموال عامة وخاصة.
وعلى مدى عام ونيف من “انقلاب الجماعة المسلحة مع حليفها صالح ” على الدولة اليمنية؛ شن الانقلابيون حروبا على جبهات داخلية واخرى خارجية تطلبت أموالا طائلة لتمويلها؛ ومع تعطل معظم موارد الدولة الهامة كالنفط استنفد الحوثيون وحليفهم صالح الاحتياطي النقدي من خزينة البنك المركزي اليمني، ما أدى إلى هبوط سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار لتصل إلى نحو ثلاثمائة ريال للدولار الواحد، لتتزايد مخاوف اليمنيين من وصول البلاد إلى وضع الانهيار الاقتصادي التام.
كيف يمول الحوثيون حروبهم؟
وبات مسلحو الحوثي يبحثون عن مصادر جديدة تمول حروبهم بعد قضائهم على خزينة الدولة ومواردها، فدشن الحوثيون حملات كبيرة لجمع الأموال تحت مسمى ” المجهود الحربي ” في عدد من مساجد العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتهم، كما نجحو في توظيف وسائل الاعلام والاتصال عبر رسائل قصيرة بتتها شركات الاتصال المحلية الى مستخدميها تطالبهم بمجهود حربي.
وصادر الحوثيون أموال الضرائب والجمارك وحتى زكاة أموال التجار وتلك التي توزع على الفقراء والمحتاجين خلال شهر رمضان في عدد من مناطق اليمن؛ كما عمد الحوثيون الى التجارة بحرية المعتقلين قسريا لديها؛ وطلبت فديات مالية باهضه من ذويهم للإفراج عنهم احياء أو موتى كألوائك الذين قضوا تحت التعذيب او قتلوا في الجبهات.
وكانت وثيقة رسمية حصل عليها “يمن مونيتور” كشفت أن إدارة الواجبات الزكوية بمحافظة حجة (الخاضعة لسلطة الحوثيين) قضت بخصم زكاة الفطر من مرتبات الموظفين على خمسة أشخاص عن كل موظف، سواء كان الموظف متزوجا أم لا”، وهو ما رفضه التربويون في المحافظة، ومطالبين بالعمل حسب لائحة وزارة الادارة المحلية التي تنظم زكاة الفطرة وتحدد أن الزكاة على الموظف فقط”.
واستقطع الحوثيون رواتب الالاف من موظفي الدولة كالجنود والمدرسين تحت مصوغات مختلفة، وتوزعت لجانهم الثورية على المدن الخاضعة لسيطرتهم وقاموا بإيقاف رواتب المعارضين الفارين من قبضتهم.
هل ينهار الحوثيون ماليا؟
يرى الباحث السياسي اليمني “عبد الله اسماعيل ” ان التحالف الانقلابي يمر بأوضاع مالية واقتصادية ضاغطة؛ تتضح جليا في عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها؛ ودعوات التبرع المتكررة التي تصل الى فرض الاتاوة ومضايقة رؤوس الأموال والمواطنين.
ويؤكد “اسماعيل ” في حديث خاص لـ “يمن مونيتور” أن جماعة الحوثي استنزفت كل شيء اما لدعم مجهودها الحربي، او من خلال ممارسات الفساد المنظم التي فتحت ابوابه لقياداتها عبر السوق السوداء او التجارة غير المشروعة او النهب المباشر لإيرادات الدولة ومداخيلها.
و” يضيف ” ان عدم قدرة الجماعة على التعامل المحترف مع الازمات التي كانت سببا فيها وقلة خبرتها الاقتصادية، أدى بها الى التصرف السيء في الموارد المتاحة والتسبب أكثر في خسائر للاقتصاد في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
موارد متجددة..
ولا زال الحوثيون يمسكون بموارد محافظة الحديدة الغنية والمطلة على البحر الأحمر؛ والتي تحتضن ثاني أهم موانئ اليمن الذي يدر على الحوثيين ملايين الريالات، ويمارس الحوثيون تجارة المشتقات النفطية في الاسواق السوداء عادت على الكثير من قيادات المليشيا بالثراء الشخصي.
ويقول الباحث الاقتصادي اليمني مصطفى نصر في حديث خاص لـ “يمن مونيتور” ان الحوثيين لن يعانوا من ضائقة مالية كجماعة، فلديهم مصادر كبيرة جراء سيطرتهم على موارد الدولة، ولو شعروا بضائقة مالية فان شركات ومؤسسات القطاع الخاص باتت تحت رحمتهم.
ويعلل ” نصر ” ان الحكومة الشرعية والتحالف لم يقوموا بقطع شرايين المال للحوثيين حتى الآن فما زالت كل الإيرادات تذهب الى صنعاء.
التودد لإيران بحثا عن المال..
وبالرغم من الخذلان الايراني للحوثيين ماليا والذي كشفه عدد من قيادات الجماعة المسلحة ك “محمد العماد ويوسف الفيشي ” واللذان عبرا في أكثر من مناسبة؛ عن خيبة امل الجماعة في الدعم المالي الايراني الشحيح.
الان أن وفود الحوثيين لم تكد تفتأ من لقاء كبار رجال الدين الشيعة في إيران والعراق ولبنان مروراً بالحوزات وحتى المراقد الشيعية الكبيرة، كشفه لقاء الوفد الذي يرأسه “شمس الدين شرف الدين” رئيس رابطة علماء اليمن (التابعة للحوثيين) بـ “سادن الروضة الرضوية” “حجة الاسلام سيد ابراهيم رئيسي في مدينة “مشهد” (شمال شرق إيران).
وهو ما أكدته مصادر دبلوماسية لـ “يمن مونيتور” بان وفد للحوثيين بقيادة شمس الدين محمد عبد الله شرف الدين إلى جانب أمين عام الرابطة الشيخ عبد السلام عباس الوجيه، وأحد علماء “الصوفية” وآخرين من علماء الجماعة أو آخرين موالين لهم يجمعون المال لاستمرار القتال في اليمن من الحوزات الشيعية في الخارج.
ويشير ” عبد الله اسماعيل ” الى أن ما كانت تعول عليه الجماعة من دعم مالي غير محدود من إيران والذي كان وعدا مهما للجماعة، الا أن هذا المصدر المالي استحال تماما مع انطلاق عاصفة الحزم ولم ينحصر هذا الحرمان في الجانب المالي وانما ايضا في الجوانب العسكرية ايضا ما وهو ما اشتكت منه الجماعة في أكثر من تصريح حد قوله.
مواجهات مسلحة وصراع على منهوبات..
ولأن علاقة الحوثيين ببعضهم او بحلفائهم “أنصار صالح ” علاقة نفعية قائمة على تقاسم الاموال المنهوبة، سرعان ما يخيم التفكك عند أدني حادثة؛ كان اخرها اندلاع مواجهات مسلحة بين فصائل تتبع جماعة الحوثي في العاصمة اليمنية صنعاء، إثر خلافات على مبالغ مالية.
وهو ما أكده أحد قيادات جماعة الحوثي الملقب بـ “أبو تراب”، لـ “يمن مونيتور”: حين قال قمنا بتوجيه مضادات الطيران إلى منطقة السائلة، بحسب توجيهات عليا لتوقيف “العامري” المسؤول عن الامدادات في الجيش، والمتهم بأخذ ما يقدر 25 مليون ريال، وطالبناه بإرجاعها إلا أن عناصره رفضوا التسليم، ولم يكن لنا أي خيار إلا المواجهة وحسم القضية بالقوة.
ولم تكن هذه المواجهات هي الأولى من نوعها في الصراع (الحوثي – الحوثي أو الحوثي – صالح) من أجل المال فقد سبقته حوادث وحالات كثيرة بسبب صراع من أجل المال والمعدات العسكرية التي نهبت من مخازن ومعسكرات الدولة.
لابد من معركة اقتصادية تسبق الانهيار..
ويرى مسؤولون اقتصاديون وباحثون أن استنزاف الاحتياطي النقدي سيجعل البلاد غير قادرة على استيراد السلع من الخارج، ويقولون إنه لا بد من سيطرة الحكومة الشرعية على البنك المركزي أو تحويله إلى منطقة أخرى بعيدا عن أيدي الحوثيين في صنعاء.
وكشف تقرير رسمي، عن ديون اليمن التي وصلت إلى مستويات تنذر بالخطر، ما يضع الحكومة أمام مأزق العجز عن السداد، لاسيما في ظل عدم قدرتها على توفير تمويل، مع انخفاض الإقبال على شراء أذون الخزانة والسندات الحكومية، مقارنة بالسنوات السابقة.
وقال “عبد الله اسماعيل ” انه على الرغم من التزام الحكومة الشرعية والتحالف العربي بما تم الاتفاق عليه في مسالة حيادية البنك المركزي، الا ان الفساد ومستلزمات المجهود الحربي وضعف الخبرة الاقتصادية للجماعة جعل من هذا الحياد كارثة وطنية اقتصادية؛ أدركتها مؤخرا الحكومة الشرعية والتحالف العربي واعتقد انه ستكون هناك معالجات سمعنا عنها قد تضغط اقتصاديا أكثر على الجماعة.
ووفقا لتصريحات سابقة للحكومة فإن الحوثيين استنفدوا كل الاحتياطي من العملات الأجنبية باستثناء مليار دولار وديعة سعودية، ومئة مليون دولار، في ظل تكتم شديد من قبل البنك المركزي الذي يقع تحت سيطرة الحوثيين في صنعاء.