كيف تعاقب شبكة فساد المجلس الانتقالي الحكومة اليمنية بوقود الكهرباء؟!
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من جوهرة عبدالله:
منذ مطلع الأسبوع تصاعدت الاحتجاجات في مدينة عدن ومعظم المحافظات الجنوبية اليمنية بسبب تدهور خدمة الكهرباء بفعل عدم وجود الوقود.
في الأسابيع الأخيرة، وصل انقطاع الكهرباء إلى 14 ساعة يومياً في عدن، وما يصل إلى 20 ساعة في محافظة أبين المجاورة، وفقاً للسكان.
وفي الوضع الطبيعي تعاني عدن من انقطاع الكهرباء ما بين 4 إلى 5 ساعات يومياً، وفقاً للسكان.
وقال المتحدث باسم مؤسسة كهرباء عدن مطلع الأسبوع إن سبب الانقطاعات هو نقص وقود الديزل لمحطات الكهرباء.
ومنذ فبراير/شباط الماضي مع بدء ولاية رئيس الوزراء الجديد أحمد عوض بن مبارك أعلن أن الملف الرئيس لحكومته هو “الكهرباء” حتى لا يأتي الصيف بدون حلّ للمشكلة إلى جانب ملف الفساد المتفشي في حكومته.
لكن جاء الصيف الحارق وعادت الأزمة والاحتجاجات السنوية من جديد فما الذي حدث؟!
شبكة فساد الاقتصاد والسياسة!
يحكم عدن التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة المجلس الانتقالي الجنوبي، الجماعة المدعومة من دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى جانب معظم المحافظات الجنوبية الأخرى. كما أن مدينة عدن مقر حكم الحكومة المعترف بها دولياً التي تقاتل الحوثيين منذ 2014م.
تنفق الحكومة اليمنية 55 مليون دولار شهرياً على كهرباء عدن، ومليار دولار سنوياً على كهرباء المحافظات الجنوبية الخاضعة إسمياً لسيطرتها عبر سبع شركات خاصة لشراء الوقود. لكنها تعجز عن السداد خاصة مع تراجع إيرادات الدولة. كما تعتمد الحكومة على الطاقة المشتراة من شركات قطاع خاص.
وقال مسؤول في الحكومة اليمنية إن الأزمة الحالية إن الشركات التي لها صلات بالمجلس الانتقالي الجنوبي، غضبت بعد أن أعلن رئيس “بن مبارك” أن الحكومة ستفتح مناقصات عامة لشراء الوقود.
وبذلك “ستخسر الشركات الفوائد التي كانت تتمتع بها عندما باعت الوقود في الماضي”-حسب ما نقلت وكالة اسوشيتد برس عن المسؤول الحكومي يوم الخميس.
وقال المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب الخلافات الداخلية، إنه كان من المتوقع وصول ناقلة وقود تجارية إلى ميناء عدن، لكن المستورد يرفض تفريغ الحمولة قبل استلام المبلغ مقدما.
وقال بن مبارك في لقاء تلفزيوني يوم الأربعاء إنه يخوض معركة لتنفيذ معالجات سليمة لمشكلة الكهرباء التي أنفقت الحكومة العام الماضي تلريون و10 مليارات ريال لتوفير المشتقات النفطية دون وجود أي نسبة تذكر للصيانة والاستثمار الحكومي.
وقال مسؤول في رئاسة الجمهورية لـ”يمن مونيتور” إن المجلس الانتقالي يستخدم عرقلة عمل الحكومة اليمنية وتنامي غضب السكان لدفعها للتراجع عن خطوات مكافحة الفساد وكبح جماح فساد قيادات المجلس.
وأشار إلى أن خلافات مجلس القيادة الرئاسي بسبب تزايد مطالب قادة المجلس الانتقالي الأعضاء في مجلس القيادة أيضاً سبب إضافي للي ذراع الحكومة والضغط على قادة المجلس الآخرين لتقديم تنازلات لصالحهم.
ملايين الدولارات
ويتحكم المجلس الانتقالي الجنوبي بميناء عدن والسفن الواصلة إليه، كما يتحكم بوزارتي الكهرباء والنفط اليمنية، ويدفعون بتجارهم لاحتكار شراء الوقود وبيع الطاقة للحكومة بعيداً عن التنافس.
العام الماضي أشار تقرير قُدم للبرلمان اليمني أن الحكومة تشتري الوقود من الشركات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي لفارق سعر يصل في معظم عقوده لأكثر من 100% عن السعر الحقيقي. حيث العقود لشراء طن متري من الوقود ب1255دولار في وقت كانت قيمة الطن المتري 400 دولار فقط. بينها عقود وقعت في 2022 لصالح شركة إماراتية.
يوم الأربعاء قال رئيس الوزراء في مقابلة مع التلفزيون الرسمي إنه في الأسبوع الأول “لبدء عمله كانت الحكومة تشتري الوقود ب1200 دولار للطن والآن ب763 دولار بتوفير يصل إلى 35%). مضيفاً أن معركته الحالية هي بإيجاد معالجة للمشكلة “أو العودة للطريقة السابقة”.
وباتت الحكومة تعتمد على شراء الطاقة ووقود الكهرباء من التجار، حيث توقفت معظم محطات توليد الكهرباء التابعة للمؤسسة العامة للكهرباء نظراً لتقادم بعضها، وإهمال صيانة غالبيتها، وإذ لا يتم توفير قطع الغيار اللازمة لذلك في المراحل المخصصة من ساعات التشغيل المختلفة.
السوق السوداء
ليس ذلك فقط بل أن قادة في المجلس الانتقالي الجنوبي يشرفون على بيع الديزل المخصص لكهرباء عدن لبيعه في السوق السوداء.
وقال محافظ البنك المركزي أحمد غالب المعقبي قال في مقابل في يونيو/حزيران 2023 إن “الكهرباء ثقب أسود يلتهم جميع موارد الدولة”، مشيراً إلى فساد كبير للغاية حيث يتم تحويل الديزل الخاص بمحطات الكهرباء إلى السوق السوداء لبيعه.
والتي تبدو تهمة تنحصر في المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يملك السيطرة الأمنية والتنفيذية في معظم المحافظات الجنوبية الخاضعة لسيطرته.
وقال المسؤول في رئاسة الجمهورية: إن وجود ميليشيات تدير مدينة عدن والمحافظات الجنوبية تعيق تقديم أي خدمات، فلا توجد سلطة بإمكانها وقفهم.
إن واجب الحكومة اليمنية توفير الكهرباء والمياه وبقية الخدمات للمناطق تحت حكمها؛ لذلك بدلاً من انزال قوات المجلس الانتقالي الجنوبي للشوارع لضرب المحتجين، عليها إيجاد حلّ دائم ينهي الأزمة، لكن ذلك لا يعني السماح بشبكة فساد مدعومة بهيمنة ميليشيا مسلحة باستلاب قرارات الحكومة وتحويل إيرادات الدولة لصالحهم. يجب أن تتحرر الحكومة من وصاية الميليشيا وفسادها وتوفير الخدمات للمواطنين بسرعة.