عودة التصعيد العسكري… هل يهدد خارطة السلام في اليمن؟ (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من افتخار عبده
في الوقت الذي يكثف فيه المبعوث الأممي جهوده من أجل إحلال السلام في اليمن، يستمر الحوثيون في التصعيد العسكري في مختلف جبهات القتال.
ويفترض بهذه المرحلة أن يعيش طرفا الصراع في اليمن هدنة مستمرة حتى يصل المبعوث الأممي والوسطاء الدوليون والإقليميون إلى تسوية سياسية وحل شامل للأزمة اليمنية المستمرة منذ عشر سنوات.
وعلى الرغم من الجهود الحثيثة والمستمرة من قبل المبعوث الأممي خلال الفترة الأخيرة، إذ التقى- يوم الثلاثاء الماضي- في الرياض، رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي ووزير الخارجية شائع الزنداني لبحث جهود إحياء العملية السياسية في اليمن.
كما أعلن مكتب المبعوث الأممي- الأربعاء الماضي- أنه بحث في مكالمة مع وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية والكومنولث وشؤون التنمية للشرق الأوسط، اللورد أحمد من ويمبلدون، ضرورة الحفاظ على بيئة تدعم الحوار البناء وسبل تحقيق تقدم في خارطة الطريق الأممية.
تنازلات كبيرة
لكن جماعة الحوثي نفت مؤخرا خبر استئناف المفاوضات مع السعودية التي تقود التحالف العربي في اليمن، محملة بذلك الولايات المتحدة وبريطانيا، مسؤولية عدم السماح بالتوصل إلى اتفاق سلام في اليمن.
وأكد الحوثيون ذلك في تصريح لهم نقلته وكالة الأنباء اليمنية سبأ التابعة لهم، أن “ما أوردته صحيفة (البيان) الإماراتية وبعض وسائل الإعلام الأخرى حول عودة المفاوضات وما ورد في التقرير غير صحيح جملة وتفصيلا”.
تنازلات كبيرة قدمتها وتقدمها الشرعية من أجل إحلال السلام في اليمن، في الوقت ذاته تبدى المليشيات الحوثية تعنتها المستمر وتقفل الباب أمام أي مبادرة تبحث عن حياة بلا حرب لليمنيين.
محللون سياسيون وصحفيون يرون بأن جماعة الحوثي تستغل هذه الفترة لإحراز تقدمات ميدانية، وتقوية جبهاتها العسكرية، وإظهار الحكومة الشرعية عاجزة عن استخدام أي قرار؛ خاصة مع استمرار الضغوطات الدولية عليها.
بهذا الشأن، يقول عبد الواسع الفاتكي “محلل سياسي” يكثف المبعوث الأممي إلى اليمن جهوده عبر لقاءاته بمسؤولي السلطة الشرعية والمسؤولين السعوديين والعمانيين وممثلين لمليشيات الحوثية محاولا إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية تبعث الأمل لاستئناف المفاوضات حول خارطة الطريق الأممية تمهيدا للدخول في تسوية سياسية تنتهي الحرب في اليمن “.
وأضاف الفاتكي ل” يمن مونيتور “في هذا الوقت بالتحديد تصعد فيه جماعة الحوثي من عملياتها العسكرية في مختلف الجبهات وعلى خطوط التماس مع الجيش الوطني؛ إذ شهدت تلك الجبهات شن الحوثيون هجمات عسكرية على مواقع الجيش الوطني بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة واستحداث تحصينات عسكرية إضافة لقصف الطيران المسير الحوثي منازل مواطنين كما حدث في الضالع أو قنص مدنيين وباستمرار، لا سيما في تعز”.
اقرأ/ي.. صور الأقمار الصناعية تكشف مخابئ الحوثيين الجديدة تحت الأرض
فرصة لترتيب الوضع
وأردف أن جماعة الحوثي تنظر “لتفاوض السلطة الشرعية والسعودية والمجتمع الدولي معها بأنها فرصة تكتيكية تمنحها التفرغ لترتيب وضعها العسكري واستئناف العمليات العسكرية لإحراز تقدمات عسكرية في الميدان”.
وتابع “كما تعمل جماعة الحوثي على جس نبض الشرعية، وتهدف من خلاله تقييم ردة فعلها أو إظهارها بمظهر العاجز خاصة أنها تدرك أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة يضغطان باستمرار على السلطة الشرعية لعدم الرد على أي تحركات عسكرية من قبل مليشيات الحوثي”.
في السياق ذاته، يقول الصحفي “محمد حفيظ” الذي نعرفه حتى اليوم أن جماعة الحوثي ما تتجه نحو عمليات السلام إلا للمراوغة وكسب الوقت فقط، في الوقت الذي تكون فيه بورطة سياسية أو عسكرية كبيرة “.
وأضاف ل” يمن مونيتور “سياسة جماعة الحوثي عرفت خلال السنوات الماضية أنها تعمد أو تتجه نحو التصعيد العسكري واختلاق الحرب والإشكالات متى ما كانت لا تريد سلاما أو أنه لم يحن بعد بالنسبة لها التوجه نحو السلام”.
وأردف “لم تلتزم الجماعة حتى اليوم… منذ سنوات بأي اتفاق سياسي على الإطلاق؛ فهي تهدف فقط إلى الوصول لهدفها العسكري أو السياسي بطرق مختلفة منها: السياسية والمراوغة وأيضا الحرب في الميدان”.
مراوغة
وتابع “اليوم في الوقت الذي بدأ فيه العمل على خارطة الطريق الأممية، قامت المليشيات الحوثية بالتصعيد العسكري في البحر الأحمر وفي جبهات القتال وهذا ما يعرقل جهود السلام، كما أكد ذلك المبعوث الأممي إلى اليمن، خلال كلمته أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي بأن: التصعيد في البحر الأحمر الذي تقوم به جماعة الحوثي وكذا التهديد بعودة الصراع في جبهات الحرب الداخلية يؤجل السير نحو تطبيق خارطة الطريق والتي تهدف أساسا للتخفيف من معاناة المواطنين”.
وأكد بأن “التصعيد العسكري الخارجي في البحر الأحمر أو الداخلي في جبهات القتال- بلا شك- يهدد ويعرقل مسألة التوجه نحو السلام، ويعرقل سير الأطراف نحو العمل بخارطة الطريق الأممية التي توافقت عليها كل الأطراف في اليمن بما فيها جماعة الحوثي”.
وبين أن “جماعة الحوثي لا يروق لها أن يعيش الشعب قليلا من الاستراحة من الصراع الاقتصادي والمعيشي وأن يحصل على أي حق من حقوقه ليعيشها بعد معاناة عشرة أعوام من الحرب”.
واختتم “جماعة الحوثي لم تستجب للمبادرات الداخلية التي قادها وسطاء محليون لفتح الطرق بين المحافظات بهدف تخفيف المعاناة عن اليمنيين فكيف لها أن تعمل على إحلال السلام ودعمه إذا كانت قد استكثرت على الشعب فتح طرق محددة؟!”.
بدوره يرى الصحفي “صدام الحريبي” أن “التصعيد العسكري الذي يقوم به الحوثيون منذ فترة وأدى إلى مقتل أفراد من الجيش الوطني، يهدد خارطة السلام التي ترعاها السعودية وعمان”.
وأضاف ل “يمن مونيتور” هذا التصعيد قد يجبر الشرعية والشعب من خلفها على إيقاف اتفاق السلام المزعوم، فالجماعة بهذه التحركات والممارسات التي تتعمدها هي تعمل جاهدة على إيقاف أي جهود من أجل السلام “.
وتابع “جماعة الحوثي لن تستطيع الاستمرار في مشروعها دون سفك الدماء وتنفيذ مزيد من الدمار والخراب في الوطن الذي ينتظر تحرك الشرعية بجدية وبمسؤولية تجاهه وتجاه الشعب”.
وفي ديسمبر/كانون الأول قدم “غروندبيرغ” خارطة طريق وقال إنها جاءت بعد مشاورات مكثفة في إيران والسعودية والإمارات وسلطنة عمان ودول أخرى و “ستشمل من بين عناصر أخرى، التزام الأطراف بتنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، ودفع جميع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة. ستنشئ خارطة الطريق أيضا آليات للتنفيذ وستعد لعملية سياسية يقودها اليمنيون برعاية الأمم المتحدة”.
التصعيد في البحر الأحمر
وسبق أن أشار “غروندبرغ” إلى أن التصعيد في البحر الأحمر يبطئ جهود السلام باليمن. وفي فبراير/شباط زار المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً في فبراير/شباط.
ويتهم الحوثيون الولايات المتحدة بتجميد خارطة الطريق وربطها بوقف هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن.
وقال المبعوث الأمريكي تيم ليندركينغ إن وقف التصعيد من قبل الحوثيين يمكن أن يساعد في استئناف محادثات السلام بوساطة الأمم المتحدة في اليمن والتي تم تجميدها منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني، استهدف الحوثيون أكثر من 60 سفينة تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، ومؤخراً وسعوا عملياتهم إلى المحيط الهندي. وقالوا إنهم يستهدفون السفن المرتبطة بإسرائيل التي تشن هجوماً وحشياً على قطاع غزة. لكن الحكومة اليمنية وخبراء يقولون إن أهداف الحوثيين محلية للهروب من الأزمات الداخلية وتحسين صورتهم في المنطقة.
ورداً على ذلك تشن الولايات المتحدة وبريطانيا منذ 11 يناير/كانون الثاني حملة ضربات جوية ضد المسلحين الحوثيين المدعومين من إيران. ونتيجة ذلك أعلن الحوثيون توسيع عملياتهم لتشمل السفن الأمريكية والبريطانية.