أخبار محليةالأخبار الرئيسيةتقاريرحصري

(حصري).. داخل تظاهرات الحوثيين في صنعاء.. دعم غزة ورفض بقاء سلطة الجماعة

يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص:

“لا يعني خروجنا للتظاهر أننا من أنصار الجماعة أو نؤيد استمرار سلطتها للدولة لقد فشلوا طوال تسع سنوات” قال متظاهر في صنعاء خرج الجمعة الماضية إلى أكبر ميادين التظاهر في العاصمة الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

محمد السراجي (32 عاماً) تحدث لـ”يمن مونيتور” إلى جانب أكثر من عشرة أشخاص ومسؤولين حكوميين في صنعاء، يقولون إنهم لا يحبذون سلطة الجماعة في صنعاء لكن قصف اليمن بطائرات أمريكية وبريطانية مستفز ويثير الغضب؛ كما أن الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة تفوق خيال الانسان.

يخرج عشرات الآلاف في صنعاء أسبوعياً للتظاهر ضد الهجمات الأمريكية والبريطانية، يقول الحوثيون إنهم مؤيديون لها ولسلطتها.

يقول السراجي وهو ينفخ سجارته: لا يعنينا ما يقولون طوال 10 سنوات وهم يكذبون باسمنا لم يعد الأمر فارق، خرجنا للتظاهر رفضاً للاستفزاز الأمريكي ومواجهة الغزو المحتمل، داعمين نصرة “أخواننا” في غزة.

يشير السراجي إلى أحد أصدقاءه ويقول إن أحد أفراد أسرته معتقل لدى الحوثيين منذ سنوات ومع ذلك يشعر بغضب من الأمريكيين والبريطانيين. سألناه عن تبديل موقفه رد بابتسامه ساخرة: لم يتغير موقفي أبداً الفارق أن الأمريكيين والبريطانيين قصفوا اليمن، وكان من الأفضل أن يوقفوا حرب غزة وينهوا شماعة الحوثيين بدلاً من شن حرب علينا.

في معظم شواع صنعاء يتحدث الناس عن الحرب الجديدة، يسخرون من الأمريكيين والبريطانيين لكنهم يتوجسون من سلطة الحوثيين التي تفرض جبايات وتهدد بارتفاع الأسعار في ظل عدم دفع رواتب الموظفين خلال سنوات. ويتحدث سكان العاصمة بذكاء عن الأحداث ويتابعون الأخبار من التلفاز وشبكات التواصل الاجتماعي.

قال رجل أعمال في صنعاء لـ”يمن مونيتور”: يرفض الحوثيون رفع الأسعار لكنهم في الوقت ذاته يقاسمون الجميع أرزاقهم بجبايات مرتفعة مع ارتفاع قيمة دولار الشيكات إلى أكثر من 850 ريال وهي قيمة كبيرة مقارنة بالواقع حيث قيمة الدولار لاتتعدى 520 ريال. ومع الوضع الحالي وارتفاع الشحن والتأمين سنخوض مفاوضات صعبة مع قادة الجماعة.

ويشير إلى أن “عدم دفع الرواتب تسبب في كسر الدورة الاقتصادية، لا يملك الناس المال للشراء”.

في ميدان السبعين حيث يخرج المتظاهرون يوزع الحوثيون لافتات للجماعة على المتظاهرين ويرددون شعاراتهم في محاولة لكسب ولاء الناس الذين يخرجون. يقول السراجي إن “هم  يستفزونا ويزيدوا الحقد والغضب منهم، لن أحمل شعارات الحوثيين حتى أموت”.

يكرر الحوثيون شعاراتهم، ويعتمدون الزوامل الشعبية التي تمجد عائلة “بدر الدين الحوثي” والد زعيم الحوثيين، وتدعو بالموت للأمريكيين والغرب.

وتُمنع وسائل الإعلام اليمنية المستقلة التي يعتبرها الحوثيون غير موالية لها من العمل في صنعاء، ويمكن اعتقال الصحفيين إذا نقلوا أخباراً لا تتوافق وسياسة الجماعة المسلحة. لذلك نُفذ هذا التقرير بعيداً عن أعين الحوثيين.

اقرأ/ي أيضاً.. (حصري) عشرات المقاتلين يغادرون جبهات القتال بعد “خدعة الحوثيين”

عشرة أضعاف

وفي الأسابيع القليلة التي سبقت العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول كان الحوثيون يحشدون أنصارهم من كل المحافظات إلى صنعاء ولايخرج 10% ممن يخرجون اليوم –حسب ما أفاد مسؤول حوثي مسؤول عن التنظيم.

وقال متظاهرون في ميدان السبعين: إن معظم هؤلاء تحملوا نفاقتهم ليشاركوا في التظاهر. وفي الماضي كان الحوثيون يتكفلون بكل النفقات إلى جانب حصص غذائية من إغاثة الأمم المتحدة التي كان الحوثيون يوزعونها.

يقول مسؤول من الحوثيين ضمن فريق تنظيم التظاهرة في ميدان السبعين لـ”يمن مونيتور”: زاد حجم التظاهرات أكثر من عشرة أضعاف، هذا سيل يتدفق لم أشاهده خلال سنوات الحرب. معترفاً أن الكثير لا يؤديون سلطة الجماعة لكنهم “يقفون ضد الأمريكي والإسرائيلي”!

يقول السراجي ورافقه إن من المسيء اعتبار ما يحدث زيادة في شعبية الحوثيين؛ مضيفاً: كل شيء باقِ على حاله فقط أن الجرائم الإسرائيلية والاستفزازات الأمريكية سيئة ويمكنها أن توحد الجميع لكن لا اعتقد أن أحداً يريد بقاء الحوثيين في السلطة، جربناهم تسع سنوات هذا كافي.

اقرأ/ي.. روسيا والصين تشتبك مع الولايات المتحدة وبريطانيا بسبب هجمات الحوثيين على البحر الأحمر

عودة الوضع إلى حالة

يخوض الحوثيون حرباً ضد القوات الحكومية المعترف بها دولياً المدعومة من تحالف فضفاض تقوده السعودية منذ 2014م، أدت إلى انقسام كبير في المجتمع في مناطق الحوثيين بين مؤيد للحكومة ورافض لوجودها. في السنوات الأخيرة كان الحوثيون يواجهون سخطاً متزايداً مع إحكام قبضتهم على السلطة ورفض دفع رواتب الموظفين العوميين منذ 2016 وزيادة الجبايات، وزاد الفساد في السلطة لمستويات غير مسبوقة، ما دفع الجماعة للتفاوض مع السعودية لدفع الرواتب وتجنيبها غضب الناس.

وقال عضو في المجلس السياسي للجماعة لـ”يمن مونيتور” إن الوضع قبل 07 أكتوبر “كان سيئاً مع زيادة الانقسامات، وغضب الناس، لكن المشاركة في دعم اخواننا في فلسطين ساهم في خفض حدة احتقان المجتمع ورجال القبائل الغاضبين”.

لكن السراجي وثلاثة من أصدقاءه وعشرة آخرين تحدثنا لهم في صنعاء يقولون إن “انتهاء العدوان الصهيوني على غزة سيعيد الوضع إلى حالة إذا توقف الأمريكيون وغادروا البحر الأحمر”.

 

“لن أقبل بإدارتهم”

وفيما ينظر اليمنيين بريبة تجاه تأثير الهجمات البحرية على حياتهم اليومية لكنهم يؤيديون جزئياً الهجمات رغم عدم ثقتهم بالحوثيين. قال محمد التعكري (48 عاماً) وهو موظف حكومي قديم إن “تأييدي لهجمات أنصار الله (الحوثيين) ضد السفن الإسرائيلية أو رفض الهجمات الأمريكية لا يعني أن أتخلى عن راتبي الذي لم اتسلمه منذ سنوات”. مضيفاً: ولا أقبل طريقة إدارتهم للسلطة والفساد الذي يقومون به منذ تسع سنوات.

يتحدث سكان صنعاء مع الغرباء بحذر خشية أن يكونوا جواسيس للحوثيين، لذلك رغم سخطهم يصفون الحوثيين بالاسم الذي يحبون أن يطلق عليهم “أنصار الله”.

يقول السراجي: قد يفقد الناس مصالحهم، أو يتعرضون للعداء من قِبل قيادات الجماعة إذا كان أحدهم يتحدث بسوء عنهم بشكل دائم أو لعائلاته مقاتلين مع “العدوان”.-في إشارة إلى الحكومة المعترف بها دولياً والتحالف.

في السنوات الأخيرة كان الغضب من الحوثيين يتصاعد وكانت الأصوات تعلو ضد الجماعة في شوارع صنعاء والمدن الأخرى. اعتقل الحوثيون أكثر من 1000 متظاهر في سبتمبر/أيلول الماضي خرجوا للتظاهر في ذكرة الثورة اليمنية “26 سبتمبر” واتهموا الحوثيين بأنهم امتداد للنظام الإمامي الوراثي الكهنوتي. كانت أصوات داخل الجماعة قد تصاعدت تطالب بإصلاحات داخل نظام الحكم والسلطة بسرعة ومحاربة الفاسدين دفعت زعيم الحوثيين لإعلان ما وصفه “بالتغييرات الجذرية” لتهدئة الشارع والحفاظ على وحدة الجماعة.

يقول قيادي سابق من الحوثيين تحدث في مجلس قات لـ”يمن مونيتور”: تم تأجيل كل شيء، جاءت الهجمات الأمريكية، والعدوان على غزة لتنقذ القادة الحاليين من تنفيذ الالتزامات.

ويذهب الباحث اليمني محمد علي ثامر إلى أبعد من ذلك، قائلاً إن الحوثيين ربما يحاولون “صرف الانتباه عن مسؤولياتهم تجاه الشعب اليمني”.

وقال ثامر: “بدلاً من العمل على تحقيق سلام دائم في اليمن، وضمان دفع رواتب الموظفين العموميين وتشكيل حكومة وطنية، يبدو أنهم يعطون الأولوية للتعاطف الرمزي من العالم العربي والإسلامي”.

اقرأ/ي أيضاً.. تصنيف الحوثيين “جماعة إرهابية”.. كيف يؤثر على تفاهمات دفع السعودية لرواتب الموظفين؟!

منحة أمريكية

يضيف القيادي السابق إنه يتوقع أن جماعته أجلت فقط الغضب الشعبي لبعد الحرب. و”الناس جربونا خلال 9 سنوات وفشلنا، وبدون إصلاحات كبيرة واتفاق سلام ستحدث حرب داخلية أكبر، لو كنا نصرنا غزة قبل إدارتنا الفاشلة كان يمكن أن يقبلوا بنا لكن الآن بعد تجربتنا هذه المدة الطويلة لن يقبلوا”.

يبدو أن إدارة بايدن ارتكبت حماقة كبيرة للغاية، فمعظم نظرائهم في المنطقة والمحللين السياسيين يتفقون أن الإدارة الأمريكية قدمت للحوثيين ما كانوا يحتاجونه للتهرب من كل شيء.

ونتيجة لذلك يرى آخرون غاضبون من الحوثيين أنها مؤامرة كبيرة. وعلى متن سيارة نقل دفع رباعي في الطريق إلى مدينة تعز محمد الشرعبي الذي يملك محل بقالة في صنعاء أن “ما يحدث هي لعبة أمريكية بريطانية مع الحوثيين لإنقاذهم من سخط الناس ودفع القبائل أكثر للقبول بالحوثيين بصفتهم يحاربون.

كان الوصول إلى مدينة تعز صعباً للغاية حيث أخذت الطريق من آخر نقطة يسيطر عليها الحوثيون في “الحوبان” أكثر من 7 ساعات بسبب حصار الحوثيين للمدينة بدلاً من 6 دقائق. طوال الطريق كان الركاب يتحدثون عن القصف الأمريكي ويظهرون غضباً من سلوك الأمريكيين والبريطانيين ويتنبئون بغزو كما حدث في العراق، لكن ذلك لا يعني أن غضبهم من الحوثيين تراجع أو أصبحت الجماعة أكثر شعبية.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى